2015-10-10 

هل خلقت الأنظمة العربية دواعش ؟

من القاهرة، حسين وهبه

وضع الرئيس الأميركي باراك أوباما كل آماله في الأنظمة العربية لهزيمة ايديولوجيات العنف والإرهاب، وكبْح جِماح التطرّف العنيف، وربّما الحيلُولة دون ظهور داعش أخرى في الشرق الأوسط أو في منطقة الخليج. وحمل أوباما أثناء اختتام قمةالبيت الأبيض لمكافحة التطرف، القادة السياسيين و زعماء الدين مسؤولية نبْذ الصِّراع الطائفي، بدلا من إذكائه ناشد أوباما مُمثلي أكثر من ستين دولة في قمة البيت الأبيض لمكافحة التطرف بما فيها العديد من الدول العربية والإسلامية، أن تتّخذ خطوات حاسمة في كسْر الحلقة المُفرغة للصّراع، لاسيما الطائفي الذي يوفِّـر مرتعا خصْبا لتأسيس الجماعات الإرهابية، مثل تنظيم داعش، وأوضح استطلاع رأي أجرته موقع سويس انفو أن ما يحلم الرئيس أوباما بتحقيقه من خلال الأنظمة العربية لهزيمة أيديولوجيات العنف والإرهاب، سيظل أضغاث أحلام. ويرى نائب رئيس مؤسسة كارنيغي للسلام العالمي ووزير الخارجية الأردني الأسبق الدكتور مروان المعشّر، أن معظم الدول العربية، بما فيها الغنية بالبترول، عجزت عن مواجهة البطالة بين خرّيجي الجامعات، مما وفَّـر الفرصة لتجنيد بعضهم في صفوف داعش. وأوضح "ليس كل من ينضَمّ لهذا التنظيم مبهور بأيديولوجية الكراهية التي يروّج لها، التنظيم يمنح مُقاتليه ما يصِل إلى ألف دولار شهريا، في وقت وصلت فيه نِسبة البطالة بين الشباب في كثير من الدول العربية إلى 30%، حتى في دولة ثرية مثل المملكة العربية السعودية، ويشعر كثير من الشباب العربي بأن الأنظمة العربية لم تكُن مُنصِفة معهم". وتشير كبيرة الخبراء في مركز ويلسون الدكتورة مارينا أوتاوي، إلى أن الأنظمة العربية تنطوي على كثير من الانقِسامات التي تؤجِّج مشاعر الفرقة في نفوس الأجيال من الصغر، وتزيل الشعور بالمواطنة الحقيقة في المجتمعات العربية . ولفت مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان الدكتور بهي الدين حسن إلى أنّ موجة التطرّف العنيف وجَدَت في العالم العربي مرْتعا لها، بسبب أنها عاشت لعقود طويلة تحت وطْأة واحد من أسوإ سجلاّت حقوق الإنسان في العالم ولا زالت. وتابع حكومات عربية تسعى الولايات المتحدة لاتّخاذها حليفا لها في مكافحة التطرّف العنيف تستخدم ممارسات قمعية تشعل فتيل ذلك التطرف بفرضها قيودا مجْحفة على الحقوق والحريات الأساسية، وتضرب عرْض الحائط بسيادة القانون وتخلق بيئة مُواتية لتجنيد مجتمعات مهمَّشة ومحرومة في صفوف المتطرّفين". ويضيف بهي الدين "هناك دعم مالي متدفّق تمنحه العائلات المالكة في الخليج لمنظري التطرّف وللتّحريض على التطرّف الذي يمارسه الزعماء الدِّينيون من داخل بلدان الخليج. وهناك توجّه في هذه المنطقة لتحويل الإحتجاجات السياسية إلى صِراعات طائفية، مثلما حدث في البحرين". وبعد أن كان تنظيم داعش يرمز لدولة إسلامية في العراق والشام، تغيَّر الإسم إلى ما يسمى بالدولة الإسلامية، حيث تتوسع في المنطقة لتُصبح دولة للخلافة الإسلامية. وأعلن تنظيم بيت المقدس، الذي ظهر في شِبه جزيرة سيناء، ولاءه للدولة الإسلامية، واتّخذ من شمال سيناء ولاية واستهدف قوات الشرطة والجيش المصريين. كما ظهر موالون لتنظيم الدولة الإسلامية في درْنة وسِرت لاسيما مع غياب سلطة الدولة في ليبيا،ومن المتوقع أنّ يتكرر المشهد من جديد في اليمن، إذا ما انهارت جهود الحِوار بين الفرقاء السياسيِّين، كما تقول باربرا بودين، السفيرة الأمريكية السابقة في اليمن: "أعتقد أن هناك احتمالا قائما لأنْ ترى عناصِر متطرّفة في اليمن أن القاعدة حقّقت نجاحا وأوجدت لنفسها مكانا في شمال اليمن، وبالتالي، فقد تعلن تلك العناصِر ولاءها لتنظيم الدولة الإسلامية، لاسيماإذا ما وصلت الجهود السياسية إلى طريق مسدود وواصل الحوثيون بسْط سيْطرتهم بقوة السلاح". وحذر كبير الباحثين بمؤسسة كارنيغي للسلام العالمي فريدريك ويري، من آثار الفساد والإقصاء في دول الخليج، كأسباب قد تدفَع نحو ظهور دواعش أخرى في المنطقة،"هناك أخطار حقيقية لآثار السياسات الطائفية في كلٍّ من المملكة العربية السعودية والبحرين والكويت في تصاعد مستويات التطرّف والعنف، ودفع الشباب الغاضب إلى الانضمام للجماعات الإرهابية، مثل تنظيم داعش، بسبب نزوع الأسَـر المالِكة في هذه الدول إلى استِبعاد جانب لا بأس به من مجتمعاتهم من المشاركة في المناصب العامة وأجهزة الأمن، بل ومن الوصول إلى الفُرص الاقتصادية، مما يُـذكّي نار الصراعات الطائفية" وحمل رئيس المرصد البحريني لحقوق الإنسان السيد محمد التاجر المملكة العربية السعودية ، آثار السياسات الطائفية التي تروِّج لها عبر قمعها الانتِفاضة الشيعة في البحرين وبذور عدم التسامح من خلال المراكز الإسلامية السعودية في الدول الإسلامية والتي تحُـضّ على ازدِراء الشيعة، وكلّها أمور ترسِّخ التطرّف وتدفع باتجاه كراهية الآخر. ووطالب خبير مكافحة الإرهاب في مركز الحريري للشرق الأوسط، التابع للمجلس الأطلسي في واشنطن فيصل عيطاني الولايات المتحدة بالتخلي عن تفضيلها التاريخي للإستقرار في المنطقة على حساب الديمقراطية والإصلاح، وأن تُدرِك أن التطرّف وعدم الإستقرار في هذه المنطقة من العالم، هي أعراض لسُوء الحُكم وفشَل الإقتصاديات والإفتقار إلى الشرعية السياسية، وبالتالي، يتعيّن تغْيير السياسات الأمريكية إزاء العالم العربي، لتشمل السَّعي لضمانِ التعدُّدية السياسية واحترام الحقوق الأساسية وحقوق الإنسان والمساعدة في التنمية الاقتصادية المستدامة".

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه