2015-10-28 

الأحزاب الدينية في الشرق الأوسط وأوروبا

أعقب الثورات التي اندلعت في عدة دول عربية أواخر عام 2010، بزوغ نجم حركات وأحزاب سياسية إسلامية أصبحت حينها لاعبا هاما في المشهد السياسي العربي.

وأثارت هذه الأحزاب اهتماما واسعا كوافد جديد إلى الساحة السياسية، وخضعت مرجعياتها لتحليلات الخبراء السياسيين، وانبرى بعضهم لإجراء مقارنات بينها وبين مثيلاتها المسيحية عبر دول أوروبا. فهل هناك تشابه بين هذه الأحزاب الدينية؟ وهل تختلف في ممارساتها للسلطة السياسية؟

يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة برنستون الأمريكية، جان فيرنر مولر، إن الأحزاب الديموقراطية المسيحية التي نشأت أواخر القرن التاسع عشر في أوروبا لم تكن بالأساس حركات ديموقراطية. بل قامت للدفاع عن المصالح الكاثوليكية ضد النفوذ المتزايد للدولة القومية الليبرالية والعلمانية، وتدخلها في نشاطين أساسين للكنيسة هما التعليم والأسرة.

ويشير الكاتب إلى أن الأحزاب الديموقراطية المسيحية، ظهرت في الدول التي شهدت انقساما عميقا حول دور الدين في الدولة. لذلك لم يسجل لها وجود في دول مثل إيرلندا وبولندا.

ويرى مايكل درايسن ، أستاذ مساعد في العلوم السياسية والشؤون الدولية بجامعة جون كابوت الإيطالية، في دراسة صادرة عن مركز الدراسات الدولية والإقليمية، أن الإسلام السياسي، من حيث النشأة، كان رد فعل على التحدي الذي مثله الاستعمار الأجنبي للدول الإسلامية. فبعد أن تمكنت الدول الاستعمارية من السيطرة على مقاليد الحكم السياسي والمؤسسة الدينية أحيانا، نشأت حركات إسلامية ككيانات منظمة تسعى إلى استعادة الاستقلال الديني والسياسي للدولة.

ويشير درايسن إلى أن الإسلام والمسيحية عقيدتان عابرتان للحدود. فمثلما تروج في بعض الدول الإسلامية فكرة "دار الإسلام" كدولة إسلامية موحدة كبرى، راجت في أوروبا خلال فترات سابقة فكرة "المملكة المسيحية الموحدة".

وفي حديثه مع بي بي سي عربي، قال إسكندر الديك، المختص في الشأن السياسي الألماني والأوروبي، إنه "لا يمكن أن نطلق على الأحزاب المسيحية في أوروبا أحزابا دينية لأن الدين بالنسبة لها غطاء عام. على عكس الأحزاب الدينية في الدول العربية التي تستند في مرجعيتها الى الدين."

ويستطرد الديك قائلا: هناك فصل بين الدولة والدين في أوروبا ينطلق من مبدأ "ما لله لله وما لقيصر لقيصر". الدولة في أوروبا ليس لها دين، وينحصر الدين في كونه عنصرا روحيا وثقافيا للشخص المتدين.

لكن ثمة من يرى خلاف ما تقدم به الدكتور الديك وهو أن الدين يلعب دورا هاما في تاريخ وحياة الدول والشعوب الأوروبية بدليل أن بعض أناشيدها الوطنية تورد مصطلحات دينية كما أن أعلام بعضها تحمل رموزا وإشارات دينية أيضا، مثل "الصليب."

وبخصوص مستقبل الأحزاب الاسلامية العربية يرى الديك، "أن هذه لن تتمكن من بلوغ الصورة التي تبدو بها الأحزاب المسيحية الأوروبية حاليا، ما لم تقر مبدأ فصل الدولة عن الدين". ويضيف أن تجربة حزب النهضة في تونس، "تعد نموذجا لحزب غير من نهجه الإسلامي المحض واعتمد الوسطية خلال فترة تواجده في السلطة مراعاة للاتجاه العام في البلاد."

المصدر : بي بي سي

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه