2015-10-10 

فشل الأحزاب الإسلامية العربية

مصطفى زين

أثبتت الأحزاب الإسلامية فشلها في العالم العربي. في مصر بالكاد أكمل «الإخوان» سنة في سدة الحكم. ليست السياسة ولا المكائد، ولا المؤامرات كانت سبب فشلهم. ولنتذكر أن الولايات المتحدة كانت إلى جانبهم. وأن محمد مرسي كان يفاخر بـ «عمله» في «ناسا». ولنتذكر أن البيت الأبيض كاد يقاطع القاهرة بعد وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الرئاسة، وهدد بقطع المساعدات عنها. ولم يعد خافياً على أحد أن الإدارة الأميركية كانت مع وصولهم إلى السلطة بدفع من «الربيع العربي»، متخذة «إخوان» تركيا (حزب العدالة والتنمية) نموذجاً، فأنقرة التي يحكمها الإسلاميون بقيت حليفاً صادقاً قوياً، ورسخت تعاونها مع الأطلسي ومع واشنطن في مختلف المجالات، وبقيت وفية لدورها في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. لكن ما نجح في «السلطنة» لم ينجح في مصر، فمرسي الذي انتخب رئيساً أراد تقليد أردوغان. بدأ فور توليه الحكم اتخاذ قرارات تطاول الجيش والأجهزة الأمنية والقضاء وباقي المؤسسات الراسخة التي استغرقت «أخاه» التركي سنوات وسنوات كي يستطيع «تطهيرها»، وهو حتى الآن لم ينجح في كل ما يسعى إليه في هذا المجال، ويواجه أحزاباً أخرى قوية، ويخوض حروباً في جبهات عدة، فضلاً عن حروبه الداخلية. في تونس، ما كاد حزب «النهضة» الإسلامي يصل إلى الحكم حتى تصدت له الأحزاب الأخرى، والحركة النقابية القوية، فضلاً عن العلمانيين واليساريين، ففضل الانكفاء والمشاركة في السلطة، من دون أن يكون له التأثير الكبير الذي يتمناه. وأثبتت تونس أنها طوال سنوات الحكم العلماني الذي أرساه بورقيبة، وعلى رغم ديكتاتورية زين العابدين بن علي، أنها ضد الأحزاب الدينية. إسلاميو العراق كانت أمامهم فرصة نادرة، وكانت الولايات المتحدة إلى جانبهم وما زالت. تسلم زعماء حزب «الدعوة» و»المجلس الأعلى» والحزب «الإسلامي» (الإخوان) الحكم، بمساعدة جيش الاحتلال، بعد أن حل الجيش العراقي وضرب كل الأجهزة الأمنية والسياسية السابقة، وقرر اجتثاث البعث، مفسحاً المجال أمامهم لإعادة بناء النظام والدولة من جديد. لكن العقل الثأري والتوجه الطائفي، وعدم الخبرة السياسية، فضلاً عن صراعاتهم الداخلية، أوصلت العراق إلى ما هو عليه اليوم من تفكك على المستوى الاجتماعي، وتقسيم عملي بين شمال وجنوب ووسط، على أسس طائفية وعرقية. وبعد أكثر من 12 عاماً من الاحتلال، وأكثر من عامين من انسحاب القوات الأميركية، لم يستطيعوا تأمين الكهرباء، ولا الماء، ولا أبسط الخدمات، فضلاً عن معالجة الخلل في المؤسسة العسكرية، كي لا نذكر ملايين النازحين والمهجرين الذين ضاقت بهم بلاد ما بين النهرين، وهي من أغنى البلدان العربية بالثروة النفطية والمائية والبشرية. والآن اضطر رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى الاستعانة بالمرجعية الدينية كي يمرر «إصلاحات» هي من بداهات الأمور في أي دولة، فمحاربة ترهل السلطة وفساد الطبقة الحاكمة لا يحتاجان إلى حروب، إلا حين يختلف زعماء المافيات على تقاسم المغانم، وهذا ما هو حاصل في بغداد فعلاً. ولولا التظاهرات الحاشدة، والدعم المعنوي الكبير الذي قدمته النجف إلى العبادي لما تجرأ حتى على طرح فكرة الإصلاح. من المحيط إلى الخليج فشلت تجارب الأحزاب الإسلامية في الحكم، والأسباب كثيرة، ربما كان أهمها أنها لم تتطور، لا على مستوى الفكر ولا على مستوى النظرة إلى تحول المجتمعات. وهذا الجمود يتركها على هامش الحياة السياسية أو يضطرها إلى الانعزال وتكفير الجميع والتحول إلى «داعش». من جريدة الحياة

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه