2016-06-17 

#سيلفي الانتصار للإنسانية على حساب عنصرية اللون

قراءة: ناصر بن محمد العُمري

 
نحا مسلسل   سيلفي  الرمضاني نحو أسلوب المفارقة وقلب الحقائق في حلقته التي حملت عنوان( أبيض وأسود)  ليناقش عنصرية اللون المنتشرة ففي حين أن  المتعارف عليه وجود( عنصرية ظاهرة يمارسها البيض ضد السود على مستوى العالم ) إلا أن خلف الحربي وفريق عمل سيلفي ذهب بالحكاية  في إتجاه مغاير حين يقع التمييز هذه المرة على  الأبيض لبيان أثر العنصرية  بطريقة لاتنقصها الاحترافية . 

 


وجاءت هذه المعالجة لتعزز قناعاتنا كمتابعين بعلو كعب (خلف الحربي)  ككاتب متمكن يمتلك ناصية الكتابة الدرامية بطريقة( النقش الغائر)  في الظواهر التي يعاني منها مجتمعنا  والمعالجة التي لاتتوقف عند رص مجموعة من الحكايات والمشاهد ثم إقناع الناس بأنها دراما. 

 


ما نعلمه  ونعيشه في حياتنا هو وجود عنصرية تقع على أصحاب البشرة السوداء تتجسد على مستويات عدة سواء  من حيث  النظرة العامة  أو في إطلاق التسميات التي تحمل في طياتها معان عنصرية أو حتى في مسائل الزواج و تكافؤ النسب
 وكتابة أحداث في هذا السياق سهلة لكنها لاتحقق للمشاهد غايات الدراما الجادة  التي تتوسل المبالغة كخصيصة فنية والذهاب بالاحداث في اتجاهات مغايرة  لخلق المتعة والإثارة التي تتطلبها الدراما.  

 


المفاجاة الدرامية في الحلقة جاءت من كون الحلقة  عرضت لنا عنصرية عائلة  سودآء مكونه من الاب ( بشير الغنيم )  وابناءه  وزوجته ضد الابن الأبيض ( خميس )  الذي يقوم بدوره  ( ناصر القصبي ) وذلك حين يتسبب لونه الأبيض في كثير من المعاناة الإنسانية والايذاء النفسي والوجع الذاتي  والرفض الاجتماعي  لمجرد لونه.

 


ويصل الحال بالعائلة  إلى الحرج الاجتماعي  بسبب زيارات خالة ( خميس ) ذات اللون الأبيض في المنزل وماتسببه من حرج امام بقية العوائل 
وهو ماينعكس على (خميس)  نفسه حين أصبح  يتذمر  من زيارتها  لما تسببه له من حرج إجتماعي  يؤدي إلى إعلانه عدم رغبته في زيارتها له في المنزل .

 


وتتصاعد الأحداث المؤلمة التي يسببها لون خميس له ولعائلته  حتى تصل الى رفض القبول به زوجا لإحدى الفتيات من أقاربه   بسبب لونه الأبيض  ، ما يدخله في معاناة نفسية .

 


ورغم المحاذير إلا أن (خميس) يتجه لخطبة بنت  خالته  ( البيضاء )    وسط معارضة  شديدة  من الأهل ورفض الأب الشديد لهذه الزواج فيما اعتراض شقيقه مبارك  يصل حد التهديد بالقتل   لا أن إصرار ( خميس )  على الزواج منها يجعل المسألة محسومة.  

 


وأثناء حفل زواج خميس يفاجأ  بحضور والده رغم كل ماحدث وهو مايجعل  (خميس)  يدخل في نوبة بكاء  ليخبره والده أن شقيقه  إيضا كان يرغب حضور الزواج  معه إلا أنه تعرض لحادث مروري أدخله العناية المركزة  وأخبر الوالد خميس بحاجة شقيقه لاسعاف سريع بالدم  في ظل عدم توفر فصيلة دم  لشقيقه الذي يرقد في العناية المركزة
وهو مايحرك مشاعر الأخوة  داخل( خميس)   فيجبر والده  على مغادرة  العرس نحو المستشفى لاسعاف أخيه حيث فصيلة دم خميس هي فصيلة دم شقيقه  معلنا أن العرس ملحوق عليه لكن  تأخر إسعاف شقيقه قد يؤدي بحياته.

 

وبالفعل ينقذ  خميس حياة شقيقه  في ليلة عرسه  منتصرا للإخوة وللمعاني العليا على حساب الذات 
في موقف يجسد أجمل المعاني ويحمل في طياته الكثير من القيم الإنسانية الراسخة. 

 


الحلقة جاءت لتعزز قيم الانتصار للإنسانية على حساب اللون الذي يبرز كأساس للتمييز والفرز وهو عكس ماتستدعيه الحياة من أهمية تذويب الفروقات المختلفة  بين البشر والتي تكون أساسا للتهميش والتمييز بمختلف أشكاله والذي بدوره يفرز  أداواء التعالي والقمع والظلم والحرمان ويخلق مجتمعا متنافرا يسوده الصراع الطبقي  .

 


كما عززت الحلقة قناعاتنا  كمهتمين بالدراما الجادة التي تفرز الفن  القادر على طرح المشكلات بوعي  وتضطلع بدورها كمنبر  قادر على محاربة أمراض المجتمع المختلفة وكشف وبيان عوار ثقافاته التي لاتؤسس سوى للفرقة والتناحر .

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه