2016-01-22 

عندما تخطئ واشنطن التمييز بين الصديق والعدو

من واشنطن. خالد الطارف

يخامر الامريكيين سؤال محير هذه الايام هل احسنت ادارة اوباما الخيار بمد يدها الى ايران وإدارة ظهرها للسعودية ؟ ديفيد بولوك مدير منتدى فكرة طرح مقاربة يمكن من خلالها تقييم فعالية هذا الخيار من عدمه .



أولًا يقول بولوك  من الضروري ألا ننسى اننا ما زلنا بحاجة إلى عشرة ملايين برميل من النفط السعودي التي لا يمكن تعويضها يوميًا للمحافظة على استقرار الاقتصاد العالمي، ومن أجل "انتقال الولايات المتحدة نحو آسيا"، والذي يعتمد بشكل كبير على النفط السعودي؟ نعم نحن بحاجة إليها.



 تساعد عائدات النفط السعودية على تمويل شركاء عدة رئيسيين للولايات المتحدة في المنطقة، من مصر مرورًا بالأردن ووصولًا إلى السلطة الفلسطينية. أما عائدات النفط الإيراني، فهي على النقيض، فهي ضمانٌ لأعدائنا: أي الأسد و"حزب الله" وحركة حماس، وغيرهم. وإلى جانب التساؤلات الخطيرة حول المصداقية التي يثيرها أي "ابتعاد" أمريكي عن المملكة العربية السعودية، هذه الاعتبارات العملية وحدها تجعل من الابتعاد اقتراحًا خطراً إلى حدّ السذاجة.



ثانيًا، لا يمكن التغاضي عن ملف حقوق الانسان الذي يبدو اسودا لإيران مقارنة بالسعودية فمعدل عمليات الإعدام التي نفذتها إيران في خلال العام الماضي، على أساس نصيب الفرد (حرفيًا)، يساوي تمامًا ثلاث مرات معدل المملكة العربية السعودية. إيران وليست المملكة العربية السعودية، لا تزال تظهر في جميع حسابات الولايات المتحدة الرسمية على أنها الدولة الرئيسية الراعية للإرهاب على الصعيد الدولي - بما في ذلك مقارنةً بالجهاد الإسلامي الفلسطيني، والميليشيات الشيعية القاتلة في العراق، والخلايا الطائفية التخريبية العنيفة في كل بلد من البلدان المجاورة لإيران. حتى إن أبرز شخصيات غسل الأموال في تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، يتخذون من إيران، وفق حكومة الولايات المتحدة، مقرًا لهم.


 

ثالثا، انتشرت خرافة تقول بأن أحدث التحركات السعودية أدت إلى حد ما إلى "إعاقة" المبادرات الدبلوماسية الأمريكية الواعدة، من سوريا إلى اليمن. لا صحة في هذا القول. وفيما يتعلق بسوريا، فإنّ إيران وليس المملكة العربية السعودية، هي التي تعيق المسار، معتبرة أن الاطاحة بالأسد "خط أحمر" ومقدمة المساعدة إليه في المجزرة التي يرتكبها بحق السكان المدنيين في سوريا.

 

رابعا وأخيرًا، بعض النقاد يتهمون الآن الحكام السعوديين بكونهم أسوأ الأعداء لذاتهم. ويرجع هذا النقد الموجهة للحكومة السعودية الى قيامها بالمغامرة في الخارج وتنفير رعاياهم في الداخل لكنّ هذه التهمة يمكن توجيهها بدقة أكبر إلى إيران التي ترسل آلاف الجنود والعناصر للقتال في الخارج في ظل القمع الداخلي العميق والتمييز العرقي والطائفي والفساد والبطالة والاتجار بالمخدرات والإدمان والفقر المتفشي الذي تعاني منه.



 وفي حال سقوط عائلة آل سعود، من الذي سيحل محلهم؟ من شبه المؤكد أن من سيأتي لن يحكم بديمقراطية ودية. من المرجح أكثر بكثير أن يكون الطرف الحاكم هو "داعش" أو تنظيم "القاعدة" أو نظامًا عميلًا لإيران - أو مزيجًا فوضويًا وعدائيًا وخطرًا للغاية من هذه الأطراف الثلاثة.



قد يواجه للسعوديين مشاكل داخلية وتهديدات خارجية، وهم بالفعل يعانون منها و يتكيّفون بشكل مؤلم ولكن فعال مع أسعار النفط التي تنخفض إلى حد كبير، كما فعلوا عدة مرات في الماضي القريب. إن بعثاتهم الخارجية الجديدة، بدءًا من البحرين في العام 2011، هي بجزء كبير منها عبارة عن ردة فعل تجاه التردد الجديد للولايات المتحدة في حمايتهم، وأداؤهم جيد نسبيًا. أما على الجبهة الداخلية، فالاقتراع والأدلة السردية الصلبة تبيّن بوضوح أن مواطنيها يدعمون بأغلبية ساحقة اعتماد نهج متشدد جدًا ضد ما يعتبرونه التهديدات المتطرفة الثلاثة: "داعش" وتنظيم "القاعدة" وإيران.



كل ذلك يوصلنا إلى ما يلي: على الرغم من القيم المختلفة جدًا، والأفضليات التكتيكية المختلفة، تتمتع الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية بمصالح استراتيجية مشتركة مهمة ودائمة. وسيكون من ذروة السذاجة التخلي عنها بسبب ردود فعل مضللة نتيجة الاحداث الأخيرة، سواء على حادثة الإعدام أو فيما يخص التوسع الأمريكي المقلق تجاه إيران.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه