2020-04-06 

مملكة العز

عبد الله بن كريم بن عطية

كان نهج المملكة العربية السعودية في معالجة القضايا نهجا مميزا منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - وحتى عهد خادم الحرمين الملك سلمان - يحفظه الله – وما زال نهجا يقوم على تلمس الخير أينما وجد، ويرتبط بالمحبة وتقوية وشائح الأخوة والسعي إلى التقارب والوئام، والمسارعة إلى المساعدة والنجدة والبذل وتخفيف معاناة الأخوة والأصدقاء دون ممنة واستعلاء، والملك سلمان شأنه شأن العظماء الأفذاذ الذين كتب عليهم أن يواجهوا أحداث التاريخ في بعض مراحله المضطربة، فيستلموا زمام المبادأةوالمبادرة في توجيه تلك الأحداث لخير بلادهم وأمتهم والعالم من حولهم، وكلنا يعلم أننا نعيش في ظرف عالمي مشحون بالتدافع، وحدة الاستقطاب، وما يشبه الحرب بين موازيين القوى وردود الفعل المؤثرة النزقة في العالم الثالث، ولكن ملكنا أماط الجمود عن بلادنا من خلال الاصلاحات الداخلية، وبناء علاقات خارجية تجمع إلى ثبات المبدأ، ومرونة الحركة والوعي السديد لطروف العصر،ومايمور فيه من العلائق والأحداث والمواقف المتدافعة، وتمثل هذا الوعي بالتنائي على الضغوط والبناء بهدوء ، والإحتفاظ بسكينة العقل والنفس ، هدوء فاعل أمام موجات الغليان والطغيان،وعندما استفحلت (جائحة كورونا ) في العالم رأينا الملك سلمان يتوجه إلى شعبه مطمئنا لهم بأن الدولة اتخذت كافة الاحتياطات، وسوف تسخر كافة امكانياتها للحفاط على سلامتهم، وقد توقى الملك سلمان الجمود المعتد لطاقة العقل والارادة ،بالتأكيد على الاستعانة بالله عزوجل القائل(فإن مع العسر يسرا) وعزز حفطه الله استصحاب الأمل واماطة الجمود عندما أعلنت المملكة بوصفها رئيسة الدورة لمجموعة( العشرين) عقد قمة افتراضية طارئة يوم (٢٦ مارس) لأعضاء مجموعة العشرين وآخرين من أجل بحث سبل مواجهة (جائحة كورونا) ، وهذا أكبر تجمع عالمي يتم ،وأصبحت مملكتنا مركز الثقل العالمي لمواجهة أهم حدث يواجهه العالم ، وقد أفتتح الملك القمة بإعطاء الأولوية للحفاط على البشرية من هذه الجائحة، وتم اعتماة (٥ ترليون دولار ) لدعم الاقتصاد العالمي ودعم الابحاث العلمية لمواجهة ( كورونا) ، ثم تلا ذلك صدور التوجيه السامي بعلاج المواطنين والمقيمين على أرض المملكة مجانا ، ثم صدور أمره حفظه الله بأن تتحمل الدولة(٦٠٪) من رواتب موظفي القطاع الخاص للمنشأت المتأثرة من التداعيات الحالية لجائحة كورونا من خلال نظام(ساند).


‏هذه شواهد حاضرة تثبت للعالم أجمع أن اولوية مملكتنا هي الاهتمام بالانسان، بينما نجد أن جائحة كورونا أكدت بشكل أكثر جلاء، بأن المجتمعات الغربية تعتبر الانتاج المادي قيمة عليا، تهدد في سبلها القيم والخصائص الانسانية ، وأن الانسان رقم خاسر ،يتعين حذف عبئه عن خزينة الدولة عندما يكون ضعيفا ، ذلك هو نتاج الديمقراطية الغربيةالفارغة من بعدها الانساني، والتي طالما تغنى بها الغرب واذنابه المغرورين به.


‏إن ماتشهده البشرية هو تحدي إلهي في عصر الغرور الانساني والتبجح بأنه يملك الكون، وربما يكون هذا الفيروس نذير غضب، يحذر به الله البشرية لتعديل سلوكها ، وإيقاف الفساد والطغيان الذي ضاقت به الأرض ضرعا،وأن على البشرية تحكيم العقل واليقين بأن هذا الوجود اتجهت إرادة الله إلى كونه فكان ، وأن علي الانسان حين يقوم بالخلافة عن الله في ارضه تحقيق منهج الله وحده ،ورفض الاعتراف بشرعية غيره، وأن يعيش بالقيم والأخلاق التي أقرها الله ويسقط القيم والاخلاق المدعاة ، ويتعرف إلى النواميس الكونية التي أودعها الله هذا الكون المادي وجعلها اختاما له ، ثم منح الانسان القدرة على فض تلك الاختام بالقدر الذي يلزم له في الخلافة ،لينهض بها في الأرض على عهد الله وشرعه.


‏وصدق الله العظيم القائل (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ) ،اللهم إنَّ الأمر أمرك، والخلق خلقك، والقضاء قضاؤك، اللهم احفظ علينا ديننا الذي هو عصمةأمرنا واحفظ اللهم بلادنا وولاة أمرنا،ولاتدعنا في غمرة ، ولا تأخذنا على غرة ولا تجعلنا من الغافلين.
‏⁦‪

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه