2015-10-10 

روح القيادة السعودية

مشاري الذايدي

كتب غسان شربل سابقًا («الحياة» 3 أغسطس/ آب، 2005) مقالة مهمة عن حوارات لم تنشر قبل، أجراها مع الرئيس رفيق الحريري وذكرياته، خاصة عن الملك فهد بن عبد العزيز. من ذكريات الراحل الحريري مع الراحل الملك فهد - الذي تحتفل السعودية هذه الأيام بمعرض ضخم عن حياته ومنجزاته بعنوان «روح القيادة» - أن الحريري كان في مجلس الملك فهد حين أُبلغ الأخير بحصيلة اشتباك بين الطائرات السعودية وطائرات إيرانية خرقت الأجواء، إذ تصدت الطائرات السعودية والدفاعات الأرضية للطائرات الإيرانية، فتم إسقاط طائرتين إيرانيتين وإصابة ثالثة. يقول: «كنا مع الملك فهد حين أُبلغ بالحادث. انتظر قليلاً ثم أمر بأن يتم الإعلان عن إسقاط طائرة واحدة. سألناه عن السبب فأجاب: (إذا أعلنّا عن إصابة ثلاث طائرات نكون كمن يهين الجيش الإيراني. نحن لا نريد مواجهة مع إيران أو مشكلة معها. إذا أهنت الجيش الإيراني علانية يشعر بأن من واجبه أن يرد. الجيش الإيراني يعرف ماذا حصل ولا ضرورة لإخراج الحادث كله إلى العلن)». وأضاف: «كان الملك فهد يقول لنا إن إيران دولة موجودة منذ آلاف السنين، ونحن أمة موجودة منذ آلاف السنين. نحن لا نستطيع إلغاء إيران، ولا هي تستطيع إلغاءنا. لا بد من وقت تهدأ فيه النفوس، ونجلس إلى طاولة لحل مشاكلنا بروية». هذه الروح، روح الحزم والحكمة، هي ما يميز السياسة السعودية، فهي مزيج من الحزم القاطع، وقت الحاجة، مع الروية والأناة وتقديم التفاهم والحوار في غالب الأوقات. وزير الخارجية السعودي، الخبير، الأمير سعود الفيصل، قال معلقًا على «عاصفة الحزم»، في خطابه بمجلس الشورى السعودي، إن السعودية ليست من دعاة الحروب، ولا تحبذها، ولكن إذا قرعت طبول الحرب فالدولة والشعب على أتم الاستعداد لخوض الغمار. هذا جزء من روح القيادة، فكل الحلول مطروحة، وتُدرس، ولا توجد عجلة ولا تسويف، بل توافق ناجز مع إيقاع الوقت، وحساسية اللحظة. في مؤتمره الصحافي، أمس، مع وزير الخارجية الفرنسي، قال سعود الفيصل: «لسنا في حرب مع إيران». لكنه شدد في التوقيت نفسه على أن «عاصفة الحزم» ماضية في هبوبها حتى النهاية، نهاية المهمة، وأن دور إيران في اليمن ضار، وأن إيران ليست مسؤولة عن اليمن، و«لم نر لها دورًا حينما كان اليمن في طور التنمية». السعودية تعرف متى تحارب ومتى تسالم، وليست كما تتوهم دعاية إيران، دولة وجلة، خائفة، أو كما قال قائد القوة البرية للجيش الإيراني، العميد أحمد رضا بوردستان، محللاً بتفكير رغبوي، إن السعودية مهزومة «رغم أنه لم تطلق أي قذيفة صوبهم، فما بالهم لو انفجرت عدة مفرقعات في الرياض؟!»، حسب قناة «العالم» الإيرانية. يبدو أن الجنرال الإيراني لم يقرأ عن عشرات العمليات لجماعات «القاعدة» وحزب الله، التي لم تجرح عاتق السعودية، بالرياض وغيرها. حزم الرياض باق. * نقلا عن "الشرق الأوسط"

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه