2015-10-10 

روح عربية جديدة.. والمهم التغيير على الأرض

عماد الدين حسين

قبل الحادية عشرة من صباح أمس الأول السبت قابلت تقريبا معظم مساعدى ومستشارى الرئيس السيسى وكل الوزراء الذين تواجدوا فى القمة وعلى رأسهم المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء. قابلت ايضا غالبية وزراء الخارجية والسفراء المصريين والعرب وكذلك نجوم الإعلام المصرى والعربى داخل وخارج قاعة المؤتمرات الكبرى التى شهدت انطلاق القمة العربية العادية فى دورتها رقم ٢٦. حضرت قمما عربية كثيرة منذ قمة عام ١٩٩٦ التى عقدت فى فندق الميريديان بمصر الجديدة وتزامنت مع صعود نجم بنيامين نتنياهو إلى السلطة فى الكيان الصهيونى للمرة الأولى بعد مقتل إسحاق رابين. لكن هذه المرة فى شرم الشيخ استمعت إلى كثيرين يقولون انهم أكثر تفاؤلا بالمستقبل. هذه المشاعر سبقت افتتاح القمة وعندما تحدث أمير الكويت رئيس الدورة السابقة ثم تلاه الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الدورة الحالية ثم العاهل السعودى الملك سلمان والرئيس اليمنى عبدربه منصور هادى والرئيس الفلسطينى محمود عباس وبيان الديوان الأميرى القطرى زاد منسوب التفاؤل لدرجة ان بعض الحاضرين من صغار الصحفيين ظنوا ان كل مشاكل مصر وبقية البلدان العربية قد تم حلها. أفضل ما توقفت عنده فى خطاب السيسى وهو يستلم رئاسة القمة انه قال بوضوح انه ليس مهما توقيع الاتفاقيات بل الأهم وجود إرادة لتنفيذها وآليات لتطبيقها. تلك هى المعضلة. طبعا من المهم ان يشيع التفاؤل والروح الطيبة لكن من دون تفعيل على الأرض سوف يصاب المواطنون باليأس والإحباط والقنوط. العرب ربما هم أكثر أمة لديها قرارات وقوانين واتفاقيات ومعاهدات لكنها للأسف مركونة على الأرفف أو داخل الأدراج بلا تأثير ومن دون ان يشعر المواطن بها. من المهم ان تكون هناك بيانات وتصريحات وقبلات وأحضان لكن الأهم ان يكون هناك واقع ملموس على الأرض. على سبيل المثال حينما يرى المواطن العربى ان قوة مشتركة دخلت اليمن لردع الانقلاب الحوثى ومحاولته التهام كامل اليمن وتسليمه لإيران سوف يدرك ان هناك إرادة عربية فاعلة. وعندما يرى هذا المواطن أيضا ان دولة عربية شقيقة جاءت إلى بلده واستثمرت وأقامت مشروعات وظفت الكثير من الشباب سوف يؤمن فعلا بالعمل العربى المشترك. وعندما تكون هناك أولوية للشباب العربى فى السفر إلى البلدان العربية المستقبلة للعمالة سوف تصله رسالة واضحة ان التكامل قد يتحول إلى حقيقة. تشكيل قوة عربية مشتركة خطوة مهمة جدا لكن الأهم أيضا ان يتم تفعيلها. علينا ان نتذكر ان لدينا اتفاقية دفاع عربى مشترك منذ بداية الخمسينيات لكنها حبر على ورق وصارت مادة للتندر والسخرية. قوة عربية مشتركة تعنى اننا وقبل ان نؤسسها علينا ان نكون قادرين على تفعيلها. حينما ترى إيران ان هذه القوة مطبقة فى اليمن سوف تفكر كثيرا قبل ان تواصل التمدد فى بقية المشرق العربى. وعندما يتم استهداف الإرهابيين فى ليبيا بهذه القوة فإن أنصارهم فى بقية المنطقة سوف يفكرون ألف مرة قبل تنفيذ عمليات جديدة. علينا ان نبدأ التخلى عن البيانات والإعلانات والتوصيات الختامية المطولة والمملة والروتينية بعد اجتماعاتنا ومؤتمراتنا وقممنا. علينا ألا نعلن عن شىء إلا إذا كنا قادرين على تنفيذه. علينا ان نتخلى عن طريقة تفكيرنا العاطفية ونصبح عمليين مثل بقية خلق الله فى كل العالم. هناك بارقة أمل وضوء يبدو فى نهاية النفق العربى الطويل الذى حشرنا فيه منذ أمد بعيد إذا استثمرنا هذه الروح الجديدة... فهل نستغل هذه الفرصة قبل ان نواصل التحسر على الماضى الذى كان.. ونبدأ الانشغال بالمستقبل الذى يفترض ان يكون؟!!!. *نقلًا عن الشروق المصرية

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه