2019-09-01 

للمتذوقين فقط!

رندا الشيخ

في حياتنا أمور كثيرة تصنف من البديهيات التي لا تحتاج إلى إثبات أو تأكيد أو مناقشة! منها مثلاً أنه من الواجب علينا إكرام الضيوف حين نستقبلهم في بيوتنا، ونزيد لطفنا لطفاً إن كنا نحن من قدم الدعوة إليهم! وبأن هذا الفعل من مكارم الأخلاق التي تعكس إنسانيتنا أولاً، وتربيتنا ثانياً، وأمور أخرى كثيرة التصقت بنا منذ ولادتنا!

 

إن اتفقنا على النقطة السابقة، فلن يصعب عليك عزيزي القارىء أن تسقط الفكرة على البرامج الحوارية التي تعتمد على الضيوف كعنصر أساسي لتنفيذها، سواء كان هذا الضيف حاضراً في الأستديو أو يتحدث إلينا عبر الهاتف! صحيح؟ جميل.

 

والآن إن ألقينا نظرة سريعة على واقع البرامج الحوارية في قنواتنا العربية بشكل عام، فسنلاحظ بعض النماذج المخجلة التي تفتقر إلى أبسط أدبيات الحوار! فمقدم البرامج قد ينادي ضيفه الأكبر منه سناً أو مرتبة علمية بإسمه الصريح، وقد يشير إليه باصبعه أو بقلم يحمله أثناء سؤاله، وقد يرفع نبرة صوته أثناء الحديث أو يحرجه بذكر معلومة خاصة قد لا يود الضيف أن يعرفها المشاهدون عن طفولته، وقد يقاطعه كلما حاول الإجابة ويقطع حبل أفكاره! وفي بعض الأحيان يتطور الأمر في حال أن الحديث لم يعجب المذيع فينهي الإتصال الهاتفي بالضيف على الهواء، أو يتركه ويستدير إن كان حاضراً ليمنعه من إكمال حديثه!

 

ما أود توضيحه في هذا المقال وبعيداً عن كوني أعمل كممارسة للإعلام الإذاعي والتلفزيوني، بأني كمشاهدة أشعر بالإستياء تجاه أي ضيف يتعرض لهكذا تعامل بعيد عن الإحترافية المهنية أو الأخلاق أو حتى اللباقة، ولن أصفق أبداً لأي مقدم أو مقدمة برامج يظن بأن التميز وصناعة الإسم والأثر الطيّب تتم عن طريق التقليل من قدر الآخر أو تحجيم فكره أو ممارسة أسلوب "فرد العضلات" والتضييق عليه حتى وإن اختلفنا معه، مهما كان حجم ونوع اختلافنا. ولحسن الحظ أن المشاهد اليوم يملك خيارات لا حصر لها من القنوات والبرامج التي تنأى به عن التلوث البصري والسمعي الذي تسببه تلك النماذج، والتي تشعرنا بالحرج من كوننا نحمل مسمى مهني واحد! 

 

أخيراً أقول، بأن للإعلام رسالة أخلاقية وإنسانية يجب أن يستشعرها الممارس للمهنة، فالبرامج ليست ساحة لتصفية الحسابات أو البهرجة الصوتية أو الإسقاط النفسي على الآخرين! بل هي مهنة نبيلة تتطلب مهارات وقدرات لن يفهمها إلا المتذوقون فقط!

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه