2015-10-10 

المهمة صارت مهمتين يا فضيلة الإمام

سليمان جودة

المهمة التى كنا نضعها على كاهل الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أصبحت مهمتين، لكن عزاءنا أن الرجل أهل لها، وأنه قادر على أن ينهض بهما معاً، بما يليق بوزنه هو، كعالم جليل، وبما يليق بوزن المؤسسة التى يجلس على قمتها. كنا طوال سنوات مضت، ولانزال طبعاً، نراهن على أن عقلية مثل تلك التى يحملها الدكتور الطيب فى رأسه تستطيع أن تنقى العلوم فى الأزهر مما عسى أن يكون قد لحق بها، بامتداد سنين وأزمنة مضت، وأظن أنه منخرط فى شىء من هذا، منذ فترة، وأظن أيضاً أنه يفعلها بهدوء، وشىء من الحكمة. ولست أطلب من الإمام الأكبر، هنا، سوى شيئين اثنين، أولهما أن يسرع من الوتيرة التى يعمل بها فى هذا الاتجاه، وأن يعلن ما يفعله، أو بعضاً منه على الأقل للناس، أولاً بأول، حتى لا يقع الظن لدى بعضنا بأنه لا يضطلع بمهمة كهذه على نحو ما يجب. والشىء الثانى أن يحتمل ما قد يواجهه من سهام النقد فى هذا الطريق، وأن يتحلى بطول البال معه، لأن غالبية الذين ينتقدون محتوى مناهج ومقررات الدراسة فى مدارس ومعاهد وجامعة الأزهر يفعلون ذلك عن غيرة حقيقية تجاه هذه المؤسسة العريقة، ويود كل واحد فيهم لو يغمض عينيه، ثم يفتحهما، فيجدها فى أرفع مكان، وفى أسمى مكانة. فى مقدور الإمام الأكبر، إذن، أن يجعل الحكاية كلها، فيما يخص مضمون مقررات الدراسة بالأزهر، فى يده هو، لا يد أحد سواه، وأن يقطع الطريق على كل مزايد عليه فيها، وأن يبادر إلى ما نتوقعه، وننتظره، ونترقبه، عندما يكون رجل مثله على رأس هذه المؤسسة، التى هى محل تقدير مجرد من جانب كل مصرى. تلك هى المهمة الأولى، وأتوقع أن يكون الإمام الأكبر منتبهاً إلى أن نهوضه بها سوف يضعه إلى جانب شيوخ الأزهر العظام، بل فى المقدمة منهم، وفى طليعة صفوفهم. أما المهمة الثانية فهى ثقيلة كالأولى، لولا أن الرجل- كما قلت- أهل لها، وأكثر. هذه المهمة الثانية طارئة علينا هذه الأيام، وكانت تشغلنى كما تشغل غيرى- ولاتزال- على مدى فترة قصيرة ماضية، غير أن عبارة جاءت فى حوار الرئيس الأمريكى أوباما لصحيفة نيويورك تايمز، يوم الأحد الماضى، زادتنى بها انشغالاً، وتمنيت لو أن إمامنا الأكبر قد وضعها على الفور إلى جوار مهمته الأولى، فانشغل بهما فى الليل وفى النهار، ثم راح يعمل من أجلهما فى كل دقيقة من وقته. يقول أوباما فى عبارته التعيسة إن أكبر خطر يتهدد حلفاءه العرب السنة فى المنطقة، ليس من إيران، وإنما من الشباب الساخط عندهم. ولابد أنه شىء مفزع أن يحاول أوباما تصوير خلاف العرب مع إيران على أنه خلاف سنى- شيعى، وهو الأمر غير الصحيح بالمرة، لأنه ليس كذلك أبداً، ولأنه خلاف سياسى يتصل بطموحات سياسية فى الأرض العربية، من الجانب الإيرانى، ولا علاقة له بالدين من قريب، أو بعيد. هذه بالضبط هى المهمة الثانية التى صارت ملقاة على عاتق الدكتور الطيب، لأنه ليس هناك من هو أقدر منه على أن يتحرك وبسرعة فى هذا السبيل، وأن يكثف من جهده فى اتجاه التأكيد، يومياً، على أن الشيعى مسلم، والسنى مسلم، وأنه لا خلاف بينهما إلى درجة الصراع، وأن الأزهر كان بامتداد تاريخه، ولايزال، يحتضن الاثنين معاً، ولا يفرق بينهما على أى أساس، وأن حرب اليمن إذا كانت هى التى أيقظت مثل هذه النغمة الشاذة، وإذا كانت هى التى أوحت إلى أوباما بمثل هذه العبارة المسمومة، فهى حرب ليست ضد اليمن، وإنما هى ضد جماعة تريد ابتلاع اليمن سياسياً، وهى كذلك حرب ليست ضد الجماعة الحوثية لمجرد أنها جماعة شيعية، وإنما ضد الجماعة الحوثية سياسياً لا دينياً أبداً! فضيلة الإمام الأكبر.. أنت لها، وهى مهمة تنتظرك، كما أنها لا تحتمل التأجيل، ولا التردد، ولا السكوت، لأن هناك من يضخم فى المسألة، وينفخ فيها، وأنت وحدك، بأزهرنا، الذى هو أزهر كل المسلمين، دون تفرقة بين أى منهم، كفيل بإحباط هذه الفكرة المسمومة وإفراغها من مضمونها تماماً. * نقلا عن "المصري اليوم"

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه