2015-10-10 

لماذا تعارض إسرائيل الإتفاق النووي مع إيران؟

من القاهرة، مصطفى علي

حينما ذهب رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر 2012 ليدلي بخطابه والذي خصص أغلبه للتحذير من البرنامج النووي الإيراني، شرح، مستخدما لوحة توضيحية، المرحلة التي وصل إليها برنامج طهران والذي يؤكد، بحسب تقديره، أنها تسعى إلى امتلاك قنبلة نووية، وهو أمر تكرر في كل جمعية عمومية معتادة تالية. وتبدو تل أبيب قلقة بالفعل من إمتلاك أي دولة في المنطقة، غيرها، قدرات نووية، إلى الحد الذي جعلها تقصف مفاعل تموز النووي العراقي قبل بدء تشغيل المفاعل بوقت قليل سنة 1981. وهي تضغط أيضا منذ أن عبرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن قلقها المتزايد بشأن الأبعاد العسكرية المحتملة لبرنامج إيران النووي، بالرغم من أنها لم توقع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. لكن هل هذا كل ما يقلق تل أبيب فحسب؟ فحقيقة أن تمتلك دولة في الشرق الأوسط، برنامج نووي، قد يستخدم فيما بعد لتطوير أسلحة نووية، سيغير من موازيين القوة، والتي تريد تل أبيب أن تبقى كلها في صالحها، ربما ليست هي المحرك الوحيد. لا يخفى على أحد أن طهران تدعم جماعتين لطالما شكلتا قلقا لتل أبيب، بل اشتبكتا معها عسكريا في مناسبات عدة، وهما حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الفلسطينية، والتي باتت تسيطر على قطاع غزة منذ 2007، وجماعة حزب الله الشيعية والتي تسيطر على الجنوب اللبناني، وهما المنطقتين المتاخمتين لإسرائيل. فضلا عن الخطاب الثوري لطهران، ذو الخلفية الإسلامية، والذي لطالما استخدم القضية الفلسطينية، للحشد والتعبئة، لدرجة أن أحد قوات الحرس الثوري قد سمي ب "فيلق القدس"، ذلك الخطاب الذي لطالما تصاعد ضد إسرائيل طوال فترتي حكم الرئيس السابق أحمدي نجاد. وفي الفترة ذاتها، كانت واشنطن وطهران على طرفي نقيض، خاصة وأن فترة حكم نجاد لإيران تقاطعت مع فترة جورج دابليو بوش الصدامية مع المنطقة، ولم يشهد تقارب في الملف النووي ذا بال إلا بعدما غيرت البلدين قيادتهما إلى شخصيتين أكثر لينا، وهما حسن روحاني وباراك أوباما. وخلال السنتين الأخيريتين شهدتا تقدما في الملف النووي خصوصا، لم يشهدها طوال العقد الماضي. لكنه يبقى النظام الإيراني الذي لا يعترف بدولة إسرائيل علنا، حتى وإن تراجعت حدة خطابه تجاهها، في ظل إنشغاله في إسعاف اتباعه في المنطقة، والتوغل في أقاليم أخرى. ويرى مراقبون أن إيران تستخدم ملفها النووي لإجبار الدول الغربية على القبول به كلاعب كبير في المنطقة، وربما يتصادم مع ما يسمى بمحور الاعتدال، والذي يضم دولا حليفة ومهمة للغرب، وللولايات المتحدة عموما. وبينما ترى إسرائيل هذا الاستخدام السياسي للملف، حاولت الدخول كشريك بأي طريقة في هذه المفاوضات لضمان مصالحها وأمنها في المنطقة، وهو الأمر الذي لم يلقى قبولا خصوصا، وأن الغرب يعلم سياسات رئيس وزراءها الصدامية والمتطرفة. وحاولت المرة تلو الأخرى، مرة بالضغط، وثانية بالتجسس على المفاوضات، وأخرى بالتمرد على الإدارة الأمريكية وتحديها أمام الكونجرس. لكن الاتفاق فيما يبدو أنه في طريقه للتمام، إطاره العام قد تشكل بالفعل في لوزان، وفي انتظار تثبيته في يونيو المقبل، وهي الفرصة الأخيرة لإسرائيل للضغط من أجل أن تحوز مكسب ما من هذا الاتفاق. لكن على الجانب الآخر يقول أوباما أنه لا يمكن مطالبة طهران بأن تعترف بدولة اسرائيل في اطار الاتفاق النهائي المفترض ابرامه حول البرنامج النووي الايراني، معتبرا ان مثل هكذا طلب ينطوي على "خطأ جوهري في التقدير". واوضح الرئيس الاميركي، الذي يشن حملة في الكونغرس لاقناع اعضائه بعدم اصدار قانون يكبل يديه في هذه القضية، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية، أن مسألة مطالبة طهران بالاعتراف بالدولة العبرية تتخطى اطار المفاوضات حول البرنامج النووي. وقال اوباما في مقابلة مع اذاعة "ان بي ار" الاميركية العامة إن "القول أن علينا الربط بين عدم حصول ايران على السلاح النووي واتفاق يمكن التحقق منه يتضمن اعترافا من ايران باسرائيل يعني اننا نقول اننا لن نوقع اي اتفاق الا اذا تغيرت طبيعة النظام الايراني بالكامل". وأضاف "وهذا في رأيي خطأ جوهري في التقدير".

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه