2015-10-10 

حتى هذه اللحظة: العرب لايحبون أمريكا!

من نيويورك، جوزيف براودي

لقد أنتبه الأمريكيون في السنوات الأولى بعد مأساة 11 سبتمبر/أيلول 2001، إلى حقيقة أن الولايات المُتحدة كانت لا تحظى بشعبيةٍ كبيرةٍ في كثير من أنحاء العالم العربي. لقد دعا الأميركيون إلى اتخاذ تدابير استباقية لتحسين صورة البلاد في المنطقة - وهو جهد مازال مُستمراً حتى يومنا هذا. كانت، وسوف تظَلّ هناك، مدرستان فِكريتان بشأن هذه المسألة. وقد علّل البعض أن مُعاداة أمريكا تنبُع من تصوّر خاطِئ للشعب الأمريكي "وأسلوب حياته"، ويمكن مُعالجة ذلك عن طريق تصحيحه. وكانت النتيجة هي الإنفاق الكبير والمُتواصِل من قِبل حكومة الولايات المُتحِدة في العديد من مُباَدرات "الدبلوماسية العامة" التي كُرِست للقيام بذلك. وذهب آخرون إلى أن سبب الاستياء في المنطقة ليس الأميركيين ولا قيمهم بل سياسات واشنطن الخارجية - وهذا هو الحل لتغييرها. هذه النصيحة، حسب بعض التقارير، قد تسببت في إعطاء إدارة أوباما وزنٍ أكبر لاسْتِطْلاَع الرأي العام العربي كعامِل في مُداولاتها السياسية. (وهذا لا يعني أن الجهد الأميركي لتقييم الرأي العام العربي قد نجح.) ولكن لا يبدو أن أياً من هذه التدابير من المُرجح أن تُحقق النتيجة المَرجوّة. وبادئ ذي بدء، مثلما أوضحت الباحثة الأمريكية مارثا بايليس في كتابها الأخير "عبر زجاج مُظلم،" أن بعضاً من أسوأ انْحِرافٌات الثقافة والقيم الأمريكية تكون مُعَمّمةً في الولايات المتحدة نفسها - عن طريق أفلام هوليوود الشهيرة التي تُظهر الجنس والعنف غير المُبرر، والتي يتم تداولها على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم العربي. وطالما أن هذه الأفلام تنجح تُجارياً، فسوف يكون هُناك المزيد منها، وبالمُقارنة بها فإن أي مشروعات للحكومة الأمريكية تهدف إلى تقديم صورة مُختلفة عن أمريكا سوف تجتذب اهتماماً ضئيلاً جداً. وعلى الرغم من اكتساب الرأي العربي العام بعض النفوذ في مُداولات السياسة الأمريكية، فإنه لا يُمارَس حق الرفض (الفِيتُو) لِقرار ما، أو أن يكون حتى ذا أهمية. على أية حال، ربما لا تُعالج أي من الوصفتين أصل المُشكلة: أينما يكون الناس في وضعية لم تتم تلبية احتياجاتهم البشرية الأساسية فيها، وتكون آفاقهم قاتمةً، ويكون أحبائهم غير آمنين، ويُعلمهم وعّاظهم ومدارسهم فرية الدم ورُهابُ الأَجانِب، لن يفوز أي قدرٍ من العلاقات العامة أو التقويد بمحبّةٍ للقوة العظمى في العالم - وسوف يَتفَوّق دولار واحد اُنفق على تشويه صورة أمريكا على مئة دولار اُستثمرت في الترويج لها. ولكن علاج هذه الديناميا يكون من خلال الإصلاح الاقتصادي والإجتماعي وغيره والتحولات المُفْعَمة بِالنَّشَاط: سوف يفقد المُجتمع الحاجة إلى إلقاء المسؤولية على الآخرين وتنمو فيه الحساسية ضد العنف السياسي والدين المُتَسَيس.. ولِذلك، فإن الولايات المُتحدة، يُمكن أن تحمي نفسها من خلال إشراك المناطق الأكثر مُبادرةً بشكل أكثر من أي وقت مضى، لِدعم التنمية في الدول العربية - من خلال تقديم الخِبرة والأدوات والتسويات التي تُشجع علىها. وسوف تُواجِه مُقاومةً على طول الطريق: من كلٍ من العناصر التي تشعر بأنها مُهددة بسبب الإصلاح وبالتالي سوف تلجأ إلى الهجوم - ومحاولة تشويه سمعة الناشطين المحليين الذين يدعون إلى إصلاحات مُماثلة. إنه عَزْم هؤلاء النشطاء على المُواصلة - وليس بعضٌ من استطلاعات الرأي العام من المواقف تِجاه الولايات المتحدة - هو الذي يُقدم أفضل مؤشر على ما إذا كانت الشراكة الأمريكية تعمل في المنطقة. بالنسبة للعرب الذين يتفقون مع هذا النهج، فمن المهم جعل أصواتهم مسموعةً في الولايات المُتحدة. هناك العديد من وسائل الإعلام والأماكن الفكرية التي ترحب بأصوات عربية جديدة - بعيداً عن التيارات الفكرية الحادة التي هيمنت على النقاش العام في واشنطن حتى هذه اللحظة. عن طريق سد الفجوة الفكرية بين المُجتمعين، ويمكن لكلٍ من الولايات المتحدة وشعوب المنطقة العربية أن تستفيد من هذا بشكل كبير.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه