2016-08-08 

عن التسامح الديني في عُمان

د. احمد بن سالم باتميرا

كان "السلام للعالم أجمع"، شعار معرض (رسالة الإسلام والتسامح الديني في سلطنة عمان) في محطته بأستراليا، ليواصل المعرض جولاته العالمية التي تخطت اكثر من ثلاثين مدينة ، لبث قيم التعايش السلمي والتفاهم المشترك والحوار الإيجابي بين الشعوب، وينقل معنى التسامح الديني في السلطنة بشكل خاص، ويعكس صورة التسامح الحقة في الإسلام من خلال توضيح مفهوم التعايش السلمي والتفاهم المشترك بين كافة شرائح المجتمع العماني.

 

فهذه المعارض التي تنتقل بين عواصم ومدن العالم الهامة التي اطلقتها وزارة الاوقاف والشؤون الدينية عام 2010 ، لها اصداء ونتائج ايجابية ، خاصة وانها تعرف بالإسلام بصورته الوسطية المعتدلة من خلال الحياة العملية في السلطنة وعبر التسامح والتفاهم والعيش المشترك بين جميع أجناس البشر وتقبل الآخر، وهذا نموذج مهم جدا لجميع البشر في مختلف دول العالم.

 

 

من التسامح ، ان نحترم بعضنا بعضا ، كل الطوائف والاديان، وبذلك نستطيع أن نصنع معا مجتمعا امنا ومتسامحا وفعلا ومنتجا، وهذا جوهر ما يدعو إليه المعرض ورسالته السامية التي تطوف كافة قارات العالم.

 

 

الفكرة العمانية بحد ذاتها، تستحق الاشادة، خاصة في ظل ما يشهده العالم من حروب وازمات متعددة، فالوضع يتطلب مثل هذه المبادرات الحقيقية لتبصير الجميع ـ بغض النظر عن معتقداتهم ـ بأهمية قيم التسامح وبناء المجتمعات وأهمية المحافظة على الاوطان وسلامة الشعوب، وإيصال تجربة السلطنة في تحقيق الامن والوئام في اطار القيم المشتركة الى مختلف الشعوب والمجتمعات من أجل غد مشرق لكافة الأجيال الحاضرة والقادمة.

 

 

ان رسالة الاسلام والجهود التي تبذلها السلطنة ممثلة في وزارة الاوقاف والشؤون الدينية والمتابعة الحثيثة من قبل معالي الشيخ الوزير ، سواء في مجال نشر القيم الإنسانية الرفيعة، وإيصال رسالة السلام في العالم ، وطباعة الكتب الدينية ذات التوجه العقلاني المعتدل وسط أجواء من التوترات الإقليمية الحالية، وامتداد التطرف والعنف، لهو دليل على اهمية الدور الكبير الذي تقوم به الوزارة في هذا الصدد ليكون صوت (رسالة السلام) ردا على كل هذه الممارسات اللا إنسانية والتي تتعارض مع تعاليم الدين الاسلامي ، بل وكل الأديان والثقافات المحبة للسلام.

 

 

وقد استطاعت المعارض التي اقيمت خلال الفترة الماضية لفت أنظار الزوار والمواطنين في الدول التي زارتها، ولقيت اشادات عربية وعالمية عديدة، وهو ما جعل من السلطنة محط تقدير العالم، باهتمامها بكل ما يؤدي إلى إحلال السلم وحل النزاعات بالطرق السلمية.

 

 

رسالة الإسلام هو نهج عُماني مستمر، داخليا وخارجيا، فالسلطنة تنتهج نهج الاعتدال والوسطية والابتعاد عن التطرف والتعصب، والشعارات البغيضة لا توجد في المنهج السياسي ولا الديني ، كما انها تلعب دورا كبيرا في تعزيز مجال الاعتدال والتسامح الديني بين الأمم والشعوب، وبين الفرقاء في حل المشكلات بالطرق السلمية.

 

 

واستطاعت السلطنة بفضل السياسة الحكيمة والتوجيهات السامية ان تنقل اجواء التسامح الديني الحقيقية والنقية والصادقة وان تعرف بها لدى العديد من دول العالم، من خلال جولات المعرض والمطبوعات التي تصدرها ، دعما للسلام والتسامح وتشجيعا للتعايش المشترك، إلى جانب التعريف بالإسلام وثقافة التفاهم والتعايش السلمي بين الشعوب. فعمان شهدت عبر تاريخها الإسلامي الممتد من عهد النبوة وإلى يومنا هذا عيشا مشتركا وتماسكا قويا وعميقا بين ابنائها.

 

 

فالتسامح يوصي به الدين، وينصح به العقل، وهو صيغة علاقة طيبة بين الإنسان والمحيط، ومن سوء الحظ أن يفتقد أي مجتمع هذا الجانب خاصة في هذه الاوقات التي تعشيها المنطقة والعالم اجمع. لذا من الاهمية ان تتبنى وزارات التربية والتعليم في الوطن العربي فكرة تعليم الأطفال معنى التعايش والمحبة والتسامح والسلام منذ الصغر لنغرس فيهم هذه القيم النبيلة.

 

 

ورغم ما تزخر به السلطنة من ألوان طيف اجتماعية وعرقية ودينية ، الا انها تبقى دولة السلام والتسامح بفضل النموذج الواقعي الذي تتبناه، وبفضل حكمة جلالة السلطان قابوس حفظه الله ورعاه.. وهذا النهج السياسي والديني باعتقادي له صلة وثيقة ببناء الدول على نظام سياسي واسس متينة وواقعية. اللهم اجعلنا متسامحين متعايشين حكماء الى يوم الدين.

 

 

batamira@hotmail.com

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه