2015-10-10 

كسر احتكار الغرب بالانفتاح على الشرق..

يوسف الكويليت

الزائر الأمريكي والغربي للمنطقة العربية يأتي بحقيبة مليئة بالتقارير الأمنية والسياسية، وقوائم سلع عسكرية محدودة القيمة، أو صفقات تجارية، وبعض المشاركات الصناعية غير الاستراتيجية والتنموية، بل غالباً ما نرى الضيوف يحملون مخاوف هندستها مراكز البحث عن الصراعات والمؤامرات ومن يتربص بالآخر من خارج المنطقة وداخلها، وعندما كان السوفييت شركاء لبعض الدول كنا ندفع نتائج الحربين الباردة والساخنة، وهذا لا يعني أنه لا توجد وجوه إيجابية في العلاقات مع الدول في العديد من المجالات التعليمية والثقافية، لكن المفاضلة في المكاسب تأتي في كل الأحوال لصالحهم.. الشرقيون لم يكن بيننا وبينهم تارات وعلاقات صدام، وكانوا هدفاً للهيمنة الغربية ولا تزال القواعد الأطلسية قائمة في بلدانهم يدفعون تكاليفها، ويأتمرون بعلاقاتهم السياسية لدور السفارات هناك، عدا الصين والهند كقوتين خارج فروض الهيمنة، لكن ما عوض الحماية العسكرية وعقودها ونتائجها أن استفادت اليابان وكوريا الجنوبية، وتايوان وغيرها، من أن توجّه مواردها إلى التنمية البشرية بالتركيز على التعليم كهدف استراتيجي طويل الأمد، وتحقق من خلال تلك المشاريع طفرة صناعية واقتصادية حولت تلك الشعوب إلى طاقات إنتاج هائل تغزو دوائر الغرب وأمريكا بسلع متقنة ورخيصة، أدت إلى أن تذهب الشركات والمصانع والأموال للاستثمار بتلك البلدان، ولأنهم قارنوا بين فضائل الدبلوماسية السياسية والسلعة الصناعية، جاءت زيارات رؤسائهم، ووفودهم بحقائب أخرى كيف يعطون بعض تجاربهم في مشاركات صناعية وعقد صفقات متبادلة كسرت الاحتكار الغربي، ولعلنا لا ننسى، رغم تكرار هذا التوصيف، حادث وصول آلاف الكوريين الجنوبيين في الطفرة الأولى للمملكة لنرى جيشاً من العمالة المتقدمة ذات الانضباط التام بالأداء وسرعة التنفيذ، وهو ما أثار الشركات الغربية لتمرر إشاعات أن القادمين من كوريا جنود مرتزقة هدفهم احتلال الدول، ولكن التهمة سقطت بفعل نهاية الاحتكار بإيجاد البديل الأفضل.. هذه المقدمة تأتي ورئيسة كوريا الجنوبية التي زارت المملكة الأيام الماضية، جاءت كعادة الآسيويين للبحث عن مشاريع مشتركة وتوقيع اتفاقات ليس بينها أي رأي سياسي تاركين ذلك لغيرهم، وإنما تشييد مفاعلات نووية، ونقل للتقنية المتقدمة في توسيع دائرة مجتمع المعرفة، وعدم الاقتصار على اتفاقات مع الحكومة فقط، وإنما وفود تتنافس مع رجال الأعمال السعوديين المشاركة العملية في العديد من النشاطات المتقدمة في الطاقة والمياه والكهرباء والمواصلات، قطارات وصناعة سفن، إلى آخر القائمة الهامة لهذه الزيارة.. فك عقدة الهيمنة مع الغرب يمكن تسويتها بفتح مجال المنافسة مع دول متقدمة آسيوية، وهذا متاح طالما المغريات موجودة، سواء بحماية الاستثمارات أو تسهيلها، وهذا كله يمكن توفيره مع الدول الآسيوية بتشريعات تضمن للجميع حقوقهم، بنفس الوقت الاحتفاظ بعلاقة متساوية مع أوروبا وأمريكا، لكن مع التفضيل بعلاقات متبادلة ومتساوية لا فوقية أو احتكارية، بحيث تصاحب أي اتفاق قيود وإملاءات ونظرة دونية وعرقية أحياناً بالشعور بالتفوق بكل شيء، وهذه ليست دعوة مقاطعة ومقايضة، وإنما حماية مصالح في ظل حماية القرار السياسي والسيادي.. ملفات التاريخ لا تضعنا في حالة مواجهة مع بلدان الشرق، فقد عشنا على نفس الخط مع غزوات البيض لكل بلداننا، ولأن (العولمة) غيرت المعايير، فالشرق لم يعد ذلك المصنف بالدونية أمام عالم قهر التخلف بالتقدم وأصبح ينافس على الحاضر والمستقبل.. *نقلا عن "الرياض"

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه