2015-10-10 

داعش المتدحرجة

عبدالله الجنيد

أولا يستوجبنا الحال العربي أن لا ننغمس في جدل لغوي أو فقهي في تناولنا للإرهارب من حيث الفكر أو الفعل لأن العالم أجمع على أن الدم أول عناوينه و القهر و الخراب ثقافته و إرثة . فالعنف هو المنهجية الوحيدة للتنظيمات الارهابية و حتى المتبناة منها من قبل دول بشكل مستتر مثل طالبان ، و بإعادة قراءة تاريخ ذلك التنظيم تحديداً اي بعد الغزو الأمريكي لافغانستان لا قبله ، سيجد أن هذا التنظيم بشقيه الباكستاني و الأفغاني مثل حقل التجارب الأول القابل للاستنساخ في اكثر من مكان عبر برامج غربلة في أكثر ظرف مكاني يملك خاصية الاستدامة . و طالبان افغانستان احتضنت من دول سياسيا لانها تمتلك خاصية لا تمتلكها القاعدة ، الا و هي كونها نتاج ثقافة المكان و تمتلك قدرة الاستدامة مكانيا بخلاف القاعدة . ذلك النجاح هناك قاد لتخليق داعش في مكان جديد ، فداعش تم تخليقها في العراق بعد وقت لاحق للغزو الامريكي في ٢٠٠٣ ، و الذي عكف أولاً على تدمير كل هياكل الدولة القائمة ، مما مثل تهيئة المناخ و البيئة الطبيعية القابلة للاستدامة تنظيما مثل داعش . و داعش في نسختها القائمة جاءت بعد عدة تجارب ميدانية فاشلة في التخليق نتيجة عدم تهيأوا الظرف المناسب لاستدامتها ، لكن انتفاضة الانبار العراقي و الثورة السورية أوجدت نقاط التقاء مصالح نظامي المالكي و بشار في التوظيف الأمثل لها عبر حدود بلديهما حتى حان وقت دخول أطرافا اخرى على خطوط تقاطع المصالح الإقليمية و اضفاء ابعاداً اخرى في التوظيف الميداني و السياسي و الإعلامي . ما سبق يقودنا لطرح لسؤال اخر : هل الموقف العربي سياسيا من داعش هو الأمثل ! بقراءة النتائج تتضح أن أحد أكبر الأخطاء التى وقع فيها الموقف السياسي العربي من داعش هو التسليم او الاقرار بالتصور الامريكي له مما خدم قدرة التوظيف الإعلامي و السياسي لداعش . و أكبر اشكال ذلك التوظيف هو التواصل العسكري ميدانيا بين الولايات المتحدة و إيران في العراق الى حد اعتبارها شريكا اصيل في الحرب على داعش ، بل السماح لها بتنفيذ غارات محدودة ضد أهداف لداعش في الشمال العراقي لاسترضاء إيران في ملفات اخرى على رأسها ملفها النووي ، و ثانيا تأخر حسم الملف السوري و وصول الوضع الانساني فيها الى ما تجاوز الكارثة الانسانية . داعش ستستمر في التدحرج جغرافيا حسبما تقتضية تقاطع المصالح و ما مبايعة انصار الشريعة و القاعدة في ليبيا للبغدادي أمير عليها الا محاولة لتحقيق اكثر من هدف : أولاً : اعادة هيكلة تواجد الفصيل الام " القاعدة " في الشمال العربي الأفريقي بالاستحواذ على تنظيمات تفتقد لهيكلية تنظيمية و عملياتية واضحة ، لذلك جاء اول تصريح لتركي البنعلي ممثل البغدادي في شمال افريقيا بضرورة مسارعة الجميع الى مبايعة البغدادي او تحمل عواقب ذلك . ثانيا : توافر البيئة السياسية و الاجتماعية بشكل أمثل في ليبيا إلأن مما هو علية الحال في العراق او سوريا نتيجة الاستهداف العسكري لها ، و حيث تعتبر الحاضن الأمثل لها لتحقق حالة الدولة الفاشلة مما يعطيها فرص نجاح اكبر مستفيدة من ديمغرافيا قد تتحول لمتعاطف معها بشكلاً سريع في حالة تقاطع المصالح . ثالثا : حاجة الطرف السياسي الأضعف حاليا " الإخوان عبر البرلمان المنحل " لزخم سياسي ميداني يعطي محادثات الشراكة السياسة المهددة بالتعطل بعداً جديدا ، لذلك جاءت تلك الجريمة في حق ٢١ مواطن "مسيحي" مصري لأحداث حجم الصدمة النفسية القابلة للتوظيف المعنوي . لكن ما يجب ان يشغلنا حقيقةً هو توافر ظروف مماثلة لليبيا في اكثر من موقع و تمتد إلى عمق افريقيا الوسطى غربا ( بوكوحرام ) و هذا شان يجب ان يجابة بجهد دولي حقيقي ، لكن هدف التدفق المقبل لداعش سوف يكون الشرق الأفريقي و الصومال تحديدا . فالصومال تمثل اكبر أمثلة الدولة الفاشلة و تمتد جغرافيا في شكل خنجر الى خاصرة الجزيرة العربية . و من الصومال ستستطيع داعش الانتقال الى اليمن ، حيث تمثل حالة عدم استقرار سياسي و القابلة لان تتطور لاحقا الى حالة عدم استقرار اجتماعي . ، و نحن نتحدث هنا نتحدث عن كتلة ديمغرافيا و طبوغرافيا هما الانسب لداعش ، عندها سوف يفشل اي برنامج احتواء قابل للتوظيف لاحتوائها ضمن الحدود اليمنية . داعش ليست تنظيما ارهابيا بل آلية خُلقت لتثبيت حالة الفراغ السياسي عربيا لا لخلق دولة الخلافة ، فهي اداة تكتيكية لا مشروع سياسي و علينا التعامل معها من ذلك المنطلق لا باي شكل اخر ، و لندرك سريعا ان الاستمرار بقبول حالة الفراغ السياسي في الخواصر يجب ان يتم التعامل معه من باب التهديد المباشر للامن القومي لا السياسي القابل للتعاطي عبر اليات الدبلوماسية التقليدية .

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه