2016-04-13 

المملكة وتركيا.. وقمة تحديات العالم الإسلامي

أحمد الجميعـة


الرياض - القمة السعودية التركية عنوانها الأبرز في هذا التوقيت الأزمة السورية ومكافحة الإرهاب، حيث يمثل هذان الملفان محور المباحثات المعمقة بين خادم الحرمين والرئيس رجب طيب أردوغان، وتنسيق المواقف حيالهما، من خلال العمل معاً نحو شراكة حقيقية لدعم الحل السياسي في سورية على أساس مقرارات جنيف (1)، ومغادرة بشار الأسد للسلطة، والحفاظ على وحدة التراب السوري وسيادته، وتوحيد صفوف المعارضة، ومساعدة اللاجئين، وفي الجانب الآخر تعزيز المشاركة بين البلدين في التحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب، والتصدي للجماعات والمليشيات والأحزاب الإرهابية التي تزايد نشاطها ودورها المشبوه للعمل بالوكالة لصالح أجندات خارجية، واستغلال أزمات المنطقة نحو مزيدٍ من الفوضى، والتأزيم، ونشر الطائفية.

 

المملكة وتركيا في هذين الملفين تحديداً هما أكثر دول المنطقة تضرراً من تداعياتهما، وأكثر الدول إلحاحاً على المجتمع الدولي للعب دور متوازن نحو الحل الذي يضمن للسوريين عيشاً كريماً في وطنهم، ومحاصرة الإرهاب الذي تمدّد بفعل هذه الأزمة، من خلال الانتقال من الإدانة إلى المواجهة، ومن الحلول الفردية إلى العمل المشترك تحت مظلة التحالف الإسلامي.

 

وعلى هذا الأساس تأتي هذه الزيارة متزامنة مع القمة الإسلامية (13) لمنظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول تحت شعار (الوحدة والتضامن من أجل العدالة والسلام)، حيث يسعى البلدان إلى تأطير العمل الإسلامي تجاه أزمات المنطقة تحديداً، وتحقيق الأمن والاستقرار لها، والخروج بمواقف تضع أولويات التحرك السياسي على أسس متفق عليها، وعلى رأسها الموقف من القضية الفلسطينية، ومساندة الشعب الفلسطيني، وإطلاق عملية سياسية جماعية وفق جدول زمني محدد، ومؤتمر دولي للسلام لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب بحث الأوضاع السيئة في العراق وليبيا وسورية وأفغانستان والصومال وكشمير، ومكافحة الإرهاب والتطرف والفقر، ومواضيع التنمية والتعاون الثقافي والإعلامي، والحملات الإنسانية لنصرة المستضعفين في الدول الإسلامية، وكل ذلك وفق رؤية إستراتيجية وخطة عشرية للمنظمة تمتد إلى العام 2025

.

المملكة تتحمّل العبء الأكبر في هذه الملفات المعقدة، والصعبة في توقيتها، وتداعياتها، ولكنها قادرة من خلال تحالفاتها الإقليمية والدولية، وثقلها السياسي والاقتصادي وقبلهما الديني أن تنهض بالأمة إلى واقعها الجديد، وتعيد الأمل لها، وتنتصر لمواقفها العادلة، وتمنحها التأثير والمقدرة على مواجهة التحديات.

 

ولا شك أن حضور الملك سلمان على رأس وفد المملكة لحضور هذه القمة يمنحها دوراً ومسؤولية أكبر تجاه العمل الإسلامي المشترك، وقطع الطريق على مثيري الفوضى والطائفية والإرهاب المسيّس، وفتح قنوات جديدة للحوار والتعاون لضمان حسن النوايا على ما يتم الاتفاق عليه، وبدء مرحلة جديدة عنوانها الأبرز عدم التدخل في شؤون الآخرين، واحترام سيادة الدول، والعمل وفق رؤية إسلامية موحدة لا تقبل الاصطفاف على محاور عدة، أو مصالح وقتية، أو تصدير ثورات مشبوهة، أو العودة إلى أحلام الامبراطوريات السابقة.

 

الملك سلمان يعي مسؤولية دولته، وحدود دورها، ودعمها، وقدرتها على مواجهة التحديات، ولكنه يحتاج إلى أن يتحمّل الآخرون مسؤولياتهم تجاه عدم تأزيم المنطقة والعالم الإسلامي بتدخلات طائفية مرفوضة لا تجلب الأمن والاستقرار، بل مزيد من الاحتقان، والفُرقة، وأطماع النفوذ والهيمنة.

 

الملك سلمان حضر إلى هذه القمة وكله أمل أن تتوحد الأمة في مصير واحد، وتتوحد معها الجهود نحو عمل مشترك يحفظ لهذه الأمة مكانتها، ودورها، وأمنها، وتنميتها، وقطع الطريق على المتربصين بها، والمتخاذلين في مهمة الدفاع عنها، حيث لا خيارات أمام الأمة سوى تضامنها، وعودة السلام إلى أوطانها وشعوبها، واستثمار مقدراتها، وفتح صفحة جديدة مع التاريخ الذي كتب أسوأ فصوله عن الأمة الإسلامية في هذه المرحلة.

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه