2016-04-10 

طوق نجاة لحكومة المغرب

محمد الأشهب

الحياة - لن يتغير شيء في تركيبة المشهد الحكومي في المغرب، إلى ما بعد 7 تشرين الأول (أكتوبر) القادم، موعد الاستحقاقات الاشتراعية، فالحكومة التي لم تسقط بعد انسحاب وزراء الاستقلال منذ أكثر من عامين، ليس مرشحاً أن يكون مصيرها كذلك في الهزيع الأخير من ولايتها. والأكيد أيضاً أن إفلات إسلاميي المغرب من تداعيات موجة استئصال حكم «الإخوان المسلمين»، منحهم فرصة التأقلم مع المستجدات المتوقعة أو الطارئة ولسان حالهم يردد أنهم حزب سياسي بمرجعية إسلامية وليسوا حزباً إسلامياً بأهداف سياسية.

 

غير أنه في كل مرة يشتد فيها الخناق، يبادر رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران إلى اختراع طوق نجاة، لا يحيد عن شعاره الانتخابي الذي اختزله في الاستقرار والحرب على التحكم والفساد. أسعفه في ذلك أن أشد خصومه لا يريدون المغامرة بمصير البلاد في اتجاه مجهول، وما من حكومة على امتداد السنوات الأخيرة استطاعت أن تذعن لتعاليم البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، من دون أن تفقد شيئاً من الأمل في أن إصلاح اليوم لن تظهر نتائجه إلا في الغد.

 

هل أخذ تهديد رئيس الحكومة باللجوء إلى انتخابات مبكرة على محمل الجد، في ضوء اندلاع خلافاته مع أكثر من وزير وأكثر من قطاع. أم أن شريكه في الائتلاف الراهن «تجمع الأحرار» أذعن بالعودة إلى بيت الطاعة، لأنه أدرك أن تغريده خارج السرب الحكومي لن يفيده في المنافسات القادمة؟ الأمر لا يزيد عن افتراض. إلا أن خطوات تهييج الشارع التي أصبحت شعار المرحلة، لم تفلح في زعزعة رئيس الحكومة عن قناعاته، لناحية أن وضع اليد على الجمر في التدبير الحكومي ليس مثلها حين توضع على الثلج. في أي حال، فقد كان رهان حكومة زعيم «العدالة والتنمية» الإسلامي عبدالإله بن كيران يتمثل في إنهاء ولايتها كاملة، وإن على حساب مواقف تفضيل شركائه على حزبه في كثير من الأحيان، فهو لم يتراجع في مؤاخذاته الوزراء الذين لم ينضبطوا للإجراءات الحكومية المتفق عليها بشأن التعاطي مع ملف الأساتذة المتدربين، إلا لكونه يدرك أن زمام المبادرة يمكن أن يفلت عن السيطرة أمام أي نوع محتمل من الهبات الاجتماعية.

 

الأصل في مواجهة إشكالات اجتماعية أكثر نفاذاً، أن رئيس الحكومة يضعها في نسق خارج عن واجهة الصراع بين الغالبية والمعارضة، وهو يحاول بكل الوسائل إقناع الفئات المستضعفة والطبقة المتوسطة على حد سواء أن المعركة التي يخوضها ذات أفق مستقبلي، إذ تتمكن الدولة من معاودة تقويم هيكلي في مختلف البنيات الإنتاجية. بينما خصومه داخل السلطة التنفيذية وخارجها يرون أنه لم يحقق تعهدات حزبه الانتخابية، بخاصة على صعيد التخفيف من وطأة البطالة وترفيع المرتبات وتسريع الإصلاحات البنيوية.

 

كل شيء نسبي، لكن دخول «العدالة والتنمية» على خط اجتماعي وأخلاقي في قضية تقنين زرع المخدرات (القنب الهندي) وإمكان الإفادة من هذا المنتوج في الاستخدامات الطبية والصناعية، يشير إلى اعتلاء الوازع الأخلاقي سطح المواجهات السياسية. ولا يبدو أن توقيت طرح الملف أو استقراء خلاصاته، المتفق عليها أو المختلف حولها، يميل لغير الحذر من توجهات غير وفاقية، فثمة تحديات تواجهها البلاد أكثر أهمية من هكذا انشغالات.

 

ما من قضية يمكن استثناؤها من جداول أعمال المنافسات الانتخابية القادمة، والشاطر من يقدر على استمالة الناخبين، وفي آخر أطوار السباق يمكن توقع كل شيء. إلا أن الثابت أن المغرب ليس في إمكانه أن يعود إلى الوراء، فالحكومات تأتي وترحل، وتحديات الاستقرار والتنمية والتوازن وصون المكاسب الديموقراطية تبقى الأهم في أي رهان.

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه