2016-03-23 

بلجيكا وحفرة النار في سورية

أيمـن الـحـمـاد

الرياض - وقع ما كانت تخشاه بلجيكا.. مرة أخرى يضرب الإرهاب أوروبا في وضح النهار بعد أن استهدف باريس ليل الثالث عشر من نوفمبر الماضي، مخلفاً وراءه 137 قتيلاً في أشرس هجوم مسلح يطال العاصمة الفرنسية بعد الحرب العالمية الثانية.

 

وبعد أن توصّل الأمن الفرنسي إلى حقيقة أن من يقف وراء تلك الهجمات الدامية متطرفون قدموا من حي "مولينبيك" في بلجيكا - المكتظ بالمهاجرين والعاطلين عن العمل - بدا أن العاصمة "بروكسل" تستعد لخوض حرب حقيقية، فالجنود والعربات العسكرية نزلت للشوارع منذ منتصف نوفمبر الماضي، حتى احتفالات رأس السنة الميلادية أُلغيت لدواعٍ أمنية، واستمر البحث عن المتورطين في الهجمات الباريسية حتى تم القبض على أحد أهم المطلوبين قبل ثلاثة أيام وهو صلاح عبدالسلام، لتقع أمس هجمات راح ضحيتها حتى الآن 34 قتيلاً.

 

يكشف مسار الأحداث وحتى وقوع الهجمات أن التعامل مع الإرهاب، بالرغم من الاحتياطات العسكرية المشددة لا يمكن أن يفي بالغرض في كل الأحوال، فمحاربة الإرهاب تقتضي طرحه والقضاء عليه وردم حفرة النار المشتعلة في سورية التي جذبت الإرهابيين وأعادتهم من حيث أتوا، ونخشى أن ما يجري في أوروبا وعدد من العواصم العربية ليس سوى رأس جبل الجليد الذي يخفي أكثر مما يظهر.

 

ومن هذا المنطلق فإن محاربة الإرهاب لا تقتضي ملاحقة الإرهابيين في سورية والعراق فحسب حيث يتواجدون؛ بل البحث عمّن يؤمّن تواجدهم على حدوده، ومن يذكي نار الطائفية ويدعم الميليشيات الإرهابية التي لا تكف عن تأجيج الأحقاد بين المكونات وتدفع السوريين والعراقيين على حد سواء انتهاج السلوكيات المتطرفة بعد أن تم تدمير دولهم وإفشالها، كما جرى ويجري اليوم في العراق وسورية التي تسيطر عليها عملياً أجندة طهران التي ثبت تعاونها مع تنظيم "القاعدة" بناء على وثائق أميركية أُفرج عنها مؤخراً، وتصرح بتبني أنشطة تنظيم "حزب الله" الإرهابي، ودون مواجهة هذا العبث ستواجه المنطقة سيناريوهات صعبة، وعمليات إرهابية متوالية ومتلاحقة، كما حدث قبل أيام في اسطنبول وبعدها في بروكسل.

 

في ذات الوقت من الضروري أن تقف اليوم أوروبا بشكل عقلاني ومنطقي للتعامل مع الإرهاب الذي يضرب بشكل أعمى دون تحديد ضحية معينة، وأن يسود السلام والمنطق المجتمعات الأوروبية، وألا تسهم تلك العمليات في توفير بيئة متطرفة أوروبية تستغلها بعض الأحزاب اليمينية التي قد يساهم وصولها إلى مواقع القوى في أوروبا زيادة التوترات والاضطرابات؛ خصوصاً مع تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين إلى أوروبا ممّن شردهم الإرهاب في أوطانهم.

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه