2016-03-22 

دول الجوار الليبي ومحاربة أنصاف الإرهابيين

أمين بن مسعود

العرب - إن كان لاجتماع دول الجوار الليبي في تونس من وظيفة استراتيجية حالية، فهي تأمين الدور الإقليمي للحيلولة دون المزيد من التدويل، والدفع بالإصلاح السياسي ضدّ خيار السلاح وتجنيد كافة الفاعلين السياسيين والاجتماعيين الليبيين ضد الخطر الداعشي.

 

قد يكون اجتماع دول الجوار الليبي في تونس واحدا من أهم الاجتماعات الخاصة بالموضوع الليبي، لا فقط لأنّ الوضع في ليبيا يؤشر إلى التشظي الهيكليّ والجغرافي على وقع الكيانات الهجينة الوليدة، وإنّما أيضا لأنّ كافة دول الجوار باتت في مرمى نيران الإٍرهاب الأمر الذي قد يؤدي في المحصلة إلى المنطقة الفاشلة لا فقط الدولة الفاشلة.

 

من الواضح اليوم أنّ الإرهاب الداعشي متحالف عضويا مع “أنصاف الإرهابيين” في ليبيا وتركيا، حيث تتعامل حكومتا أنقرة وطرابلس بـ“شبه اعتراف” رسميّ مع الجماعات الإرهابية سعيا لتوظيفها في التوازنات المحلية والإقليمية والدوليّة.

 

ولئن كشفت التحريات التونسية عن تحالف بغيض بين حكومة المؤتمر الوطني في طرابلس والإرهابيين الدواعش الذين دخلوا إلى بنقردان بجوازات سفر رسميّة، فإنّ تحقيقات دولية أثبتت “شرعنة” الجيش التركي دخول الإرهابيين إلى سوريا، وفي الحالتين كان الإرهاب المستفيد الأوّل من “أنصاف الإرهابيين” وفي الحالتين أيضا انغرست السكاكين الداعشيّة في صدور حلفائهم وأشباههم في دوائر اتخاذ القرار.

اليوم على اجتماع دول الجوار الليبي أن يعلن الحرب على الإرهاب الداعشي وأن يقاوم بشكل جذري “أنصاف الإرهابيين” ممّن يتحالفون مع داعش في الرؤية والمشروع، ويختلفون معه في مسلكية التنفيذ وآليات الإقرار.

 

أنصاف الإرهابيين” موجودون اليوم في الفضاء السياسي إذ هم يرون “داعش” أقرب إليهم من اليسار أو القوميين أو من بعض التيارات الوطنية الأخرى، وهم أيضا متمركزون في السياق الإعلامي يروّجون لمفاهيم ومصطلحات وصور وفيديوهات التطبيع الناعم مع الإٍرهاب، وهم أيضا من الحيتان السمينة الواقفة على أبواب جهنّم للتهريب والترهيب والإٍرهاب، وهم أيضا من بعض العواصم العربية والإسلامية التي تشتري من داعش النفط والسلاح والذهب وقطع الآثار وحتّى الرقيق الأبيض، مقابل نصف موقف داعـم لبقاء داعـش وتمدده أيضا.

 

المشكلة الأساسيّة في ليبيا أنها تعيش اليوم عصر “مأسسة الميليشيات”، حيث باتت العصابات المسلحة القريبة من التنظيمات الإرهابية، وليس داعش فقط، تدير مواقع حساسة من قبيل أمن المطارات وجوازات السفر والأمن المحليّ ما أفضى إلى وجود تحالف شبه رسمي بين الجماعات الإرهابية المتدفقة من تركيا إلى ليبيا، وهو ما تؤكده التقارير والأبحاث الأمنية المحلية التونسية والأجنبية أيضا، وبين أجزاء من المؤسسات الرسمية في البلاد، ما يعني أنّ ليبيا اليوم باتت معقلا للإرهاب الداعشي في المغرب العربي، وباتت أيضا موطئ قدم آمن للإرهابيين القادمين من سوريا والعراق عبر تركيا.

 

على اجتماع دول الجوار أن يتعامل مع الخطر الإرهابي الداعشي في ليبيا كخطّ تكفيري متقدم ضمن منظومة إرهابية متصافة تبدأ من دول الساحل، حيث تنظيم المرابطون والجماعة الإسلامية في الصومال وبوكو حرام في نيجيريا وداعش في الكوت ديفوار، لتمرّ عبر الجزائر ومالي حيث تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، ما يعني أنّ الإرهاب في ليبيا هو جزء من منظومة مترابطة ومتفاعلة تزوّده بالدعم المادي واللوجستي والعكس، وهو أيضا خطّ هجوم أوّل لخطوط إرهابية أخرى لا تقلّ خطورة وفظاعة عن داعش.

 

وقد يكون تمثل الإرهاب في ليبيا على أنّه نقطة تقاطع بين المجمّعات التكفيرية الإٍرهابية في شمال أفريقيا والساحل الأفريقي وبين مواسم الهجرة الداعشية من تركيا إلى ليبيا، وبين أوضاع محليّة سمحت بتفريخ التكفيريين القاطرة الأولى نحو بلورة حلّ يبدأ من ليبيا وينتهي عند المنطقة المنكوبة برمتها.

 

أمّا أنصاف الإرهابيين من دول وعواصم ومؤسسات وأحزاب وإعلاميين فلا بدّ من مواقف حازمة ضدهم وإجراءات ردعية في حقهم.

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه