2016-02-10 

الحرب على الإرهاب في نسختها السعودية التركية

شادي علاء الدين

العرب - وصل التدخل الروسي في سوريا إلى ذروته بعد العدد القياسي للغارات على منطقة حلب وريفها، والتي سمحت للجيش السوري وميليشيات حزب الله بالتقدم والشروع في محاصرة حلبجنون التصعيد الروسي غير المسبوق والذي لا يمكن الاستمرار فيه على الوتيرة نفسها، يرسم حدودا قصوى، لذا فإن المرحلة التي تلي هذا التصعيد هي مرحلة الانكفاء والتراجع.

ليست هذه المعطيات خافية عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي بدا محبطا من بطء تقدم الجيش السوري، وعدم السقوط السريع لحلب، ما جعل الحاجة إلى مفاوضات تؤدي إلى وقف إطلاق النار رغبة روسية، تهدف إلى الحفاظ على التقدم الذي تم إنجازه والذي لا يمكن الإبقاء عليه طويلاالتدخل البري السعودي التركي المتوقع في سوريا يأتي في هذه اللحظة بالتحديد، بعد أن بدا للجميع أن الحلف الروسي الأسدي الإيراني قد نجح في الإمساك بمقاليد الأمور، وأنه لم يبق تاليا أمام جميع الفرقاء المعنيين بالشأن السوري سوى انتظار تداعيات هذا الانتصار على المنطقة والعالم.

ما اعتبرته روسيا انتصارا تاما دفعها إلى التعامل مع المعارضة السورية في مؤتمر جنيف، كعصبة من الجنود المهزومين القادمين من أجل المصادقة على توقيع مذل لاستسلام غير مشروط. حزب الله اللبناني حرص بدوره على توظيف مفاعيل التقدم العسكري في سوريا، ليعيد إنتاج حالة الفراغ الرئاسي وخطاب العنجهية الأمنية والتهديد.

وكانت الساحة السورية قد أصبحت مركز تجميع لكل الراغبين في محاربة الإرهاب، وقد جاء كل طرف من هؤلاء إلى الميدان السوري مزوّدا بنسخته الخاصة من الإرهاب الذي ينوي محاربته. وهكذا تكاثر الإرهاب في سوريا وتكاثرت تعريفاته، وتشظت مفاهيمه.

التدخل العسكري السعودي التركي المتوقع يكتسب أهمية قصوى في هذا الصدد، لأن من شأنه أن يعيد تعريف الإرهاب وتوصيف معنى محاربته إلى السكة الصحيحة.

تكمن إيجابيات هذا التدخل المنتظر في أنه سيعيد التوازن، ويجبر الجميع على العودة إلى طاولة المفاوضات، والاتفاق على حلول سياسية تنهي الحرب، ولكن من ناحية أخرى لا يتوقع أن يتم إنجاز هذا التوازن العسكري دون أن يلحق بحلب دمارا عظيما وشاملا مماثلا لذلك الذي شهدناه في حمص وغيرها من المناطق.

هكذا لن يجد السوريون الذين يعانون من عنف البراميل المتفجرة وضراوة الغارات الروسية المدمّرة مكانا يعودون إليه.

نستطيع أن نقول إن الحرب السعودية التركية على الإرهاب في سوريا هي نسخة جديدة من الحرب على الإرهاب، تصوب على الإرهاب الداعشي بغية إصابة روسيا وإيران ونظام الأسد. لا يمكن قراءة هذا الوضع سوى بوصفه تصعيدا شرسا للحرب السورية، سيضيف دمارا ضخما على رصيد الخراب الذي بات خارج حدود إعادة الإعمار. تاليا لن يؤدي في نهاية المطاف سوى إلى توازن ميداني سوري داخلي دون تأثير كبير على وضع السوريين في الخارج، حيث لن يكون متوقعا أن تؤدي هذه الحرب إلى إنتاج ظروف ملائمة لعودة السوريين، بل ربما ستدفع باتجاه تفاقم أزمة اللجوء وتكريسها كواقع مرير لا حلول ممكنة له.

الترحيب الأميركي السريع بمشروع التدخل السعودي التركي الذي تجلى في مسارعة وزير الخارجية الأميركي، الذي كان قد تقمّص في مؤتمر جنيف 3 دور المرشد الأعلى لروسيا والنظام، إلى تحميل روسيا مسؤولية تعطيل المفاوضات، يقول إن هذا التدخل لا يخرج عن إطار المصائر التي ترسمها أميركا للمنطقة وللعالم. يمكن تلمّس ملامح هذه المصائر المصنعة أميركيا في سلسلة من الوقائع المتناسلة والمترابطة، والمتصلة بالنزعة الأميركية بالانكفاء عن المنطقة، وتوريط العالم كله في حروب شاقة ومريرة.

اللاجئون السوريون باتوا عنوان أزمة أوروبية وعالمية، حيث لجأ عدد كبير منهم إلى أوروبا جديدة، تعاني من صعود لافت لليمين المتطرف، ونهاية درامية لعلمانيتها وخطاب حقوق الإنسان فيها. عملية إرهابية واحدة في مسرح باتاكلان الفرنسي كانت كافية لإنهاء الاتحاد الأوروبي، وكي تعيد أوروبا إنتاج أصولياتها التي تضعها في تناغم واضح مع داعش.

التغوّل الإيراني دفع بالسعودية إلى التدخل العسكري في اليمن، وهو بصدد دفعها إلى التدخل البري في سوريا عبر حلف عسكري مع تركيا، تقول المعلومات الأولية إن جل العناصر البشرية فيه هم من الجنود السعوديين. طبعا ستشارك جل الدول الخليجية في هذه القوى، إما ماديا أو عبر إرسال جنود، ما يعني أنه في جميع الأحوال لن تخرج المنطقة من هذه الحرب إلا وهي مثخنة بالجراح.

سنكون إذن أمام أوروبا تئن تحت ثقل أزمة اللجوء السوري، وأمام إيران ملجومة ومرهقة ومهددة، وسعودية فقدت جزءا كبيرا من قدراتها المالية، وتركيا متعبة.

بعد ذلك سيطلب الجميع العودة إلى سياسة فقدت إمكانية وجودها، وبات بإمكان الطرف الوحيد الذي لم يثخن بالجراح، وهو أميركا، إنتاجها انطلاقا من عناصر لا يقررها المتحاربون. هذه السياسة اللاسياسية لن تكون سوى سياسة القبول بما أسست له الحروب من نهايات مفتوحة لفكرة الدولة في المنطقة، واستحالة شفاء جراح الجغرافيا، وقيام ورشة إعادة الإعمار الكفيلة، في حال كانت ممكنة، بتبديد جل موارد المنطقة إلى أجل غير مسمى.

 

 

ما اعتبرته روسيا انتصارا تاما دفعها إلى التعامل مع المعارضة السورية في مؤتمر جنيف، كعصبة من الجنود المهزومين القادمين من أجل المصادقة على توقيع مذل لاستسلام غير مشروط. حزب الله اللبناني حرص بدوره على توظيف مفاعيل التقدم العسكري في سوريا، ليعيد إنتاج حالة الفراغ الرئاسي وخطاب العنجهية الأمنية والتهديدوكانت الساحة السورية قد أصبحت مركز تجميع لكل الراغبين في محاربة الإرهاب، وقد جاء كل طرف من هؤلاء إلى الميدان السوري مزوّدا بنسخته الخاصة من الإرهاب الذي ينوي محاربته. وهكذا تكاثر الإرهاب في سوريا وتكاثرت تعريفاته، وتشظت مفاهيمه.

 

التدخل العسكري السعودي التركي المتوقع يكتسب أهمية قصوى في هذا الصدد، لأن من شأنه أن يعيد تعريف الإرهاب وتوصيف معنى محاربته إلى السكة الصحيحةتكمن إيجابيات هذا التدخل المنتظر في أنه سيعيد التوازن، ويجبر الجميع على العودة إلى طاولة المفاوضات، والاتفاق على حلول سياسية تنهي الحرب، ولكن من ناحية أخرى لا يتوقع أن يتم إنجاز هذا التوازن العسكري دون أن يلحق بحلب دمارا عظيما وشاملا مماثلا لذلك الذي شهدناه في حمص وغيرها من المناطقهكذا لن يجد السوريون الذين يعانون من عنف البراميل المتفجرة وضراوة الغارات الروسية المدمّرة مكانا يعودون إليه.

 

نستطيع أن نقول إن الحرب السعودية التركية على الإرهاب في سوريا هي نسخة جديدة من الحرب على الإرهاب، تصوب على الإرهاب الداعشي بغية إصابة روسيا وإيران ونظام الأسد. لا يمكن قراءة هذا الوضع سوى بوصفه تصعيدا شرسا للحرب السورية، سيضيف دمارا ضخما على رصيد الخراب الذي بات خارج حدود إعادة الإعمار. تاليا لن يؤدي في نهاية المطاف سوى إلى توازن ميداني سوري داخلي دون تأثير كبير على وضع السوريين في الخارج، حيث لن يكون متوقعا أن تؤدي هذه الحرب إلى إنتاج ظروف ملائمة لعودة السوريين، بل ربما ستدفع باتجاه تفاقم أزمة اللجوء وتكريسها كواقع مرير لا حلول ممكنة له.

 

الترحيب الأميركي السريع بمشروع التدخل السعودي التركي الذي تجلى في مسارعة وزير الخارجية الأميركي، الذي كان قد تقمّص في مؤتمر جنيف 3 دور المرشد الأعلى لروسيا والنظام، إلى تحميل روسيا مسؤولية تعطيل المفاوضات، يقول إن هذا التدخل لا يخرج عن إطار المصائر التي ترسمها أميركا للمنطقة وللعالم. يمكن تلمّس ملامح هذه المصائر المصنعة أميركيا في سلسلة من الوقائع المتناسلة والمترابطة، والمتصلة بالنزعة الأميركية بالانكفاء عن المنطقة، وتوريط العالم كله في حروب شاقة ومريرة.

 

اللاجئون السوريون باتوا عنوان أزمة أوروبية وعالمية، حيث لجأ عدد كبير منهم إلى أوروبا جديدة، تعاني من صعود لافت لليمين المتطرف، ونهاية درامية لعلمانيتها وخطاب حقوق الإنسان فيها. عملية إرهابية واحدة في مسرح باتاكلان الفرنسي كانت كافية لإنهاء الاتحاد الأوروبي، وكي تعيد أوروبا إنتاج أصولياتها التي تضعها في تناغم واضح مع داعش.

 

التغوّل الإيراني دفع بالسعودية إلى التدخل العسكري في اليمن، وهو بصدد دفعها إلى التدخل البري في سوريا عبر حلف عسكري مع تركيا، تقول المعلومات الأولية إن جل العناصر البشرية فيه هم من الجنود السعوديين. طبعا ستشارك جل الدول الخليجية في هذه القوى، إما ماديا أو عبر إرسال جنود، ما يعني أنه في جميع الأحوال لن تخرج المنطقة من هذه الحرب إلا وهي مثخنة بالجراح.

 

سنكون إذن أمام أوروبا تئن تحت ثقل أزمة اللجوء السوري، وأمام إيران ملجومة ومرهقة ومهددة، وسعودية فقدت جزءا كبيرا من قدراتها المالية، وتركيا متعبة.

 

بعد ذلك سيطلب الجميع العودة إلى سياسة فقدت إمكانية وجودها، وبات بإمكان الطرف الوحيد الذي لم يثخن بالجراح، وهو أميركا، إنتاجها انطلاقا من عناصر لا يقررها المتحاربون. هذه السياسة اللاسياسية لن تكون سوى سياسة القبول بما أسست له الحروب من نهايات مفتوحة لفكرة الدولة في المنطقة، واستحالة شفاء جراح الجغرافيا، وقيام ورشة إعادة الإعمار الكفيلة، في حال كانت ممكنة، بتبديد جل موارد المنطقة إلى أجل غير مسمى.

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه