2015-10-19 

لماذا اختفت القيم الأوروبية في الأزمة السورية؟

حمّل الكاتب السوري الألماني البارز رفيق شامي السياسيين الأوروبيين  مسؤلية بؤس سوريا لافتًا إلى أنّ الكارثة نشأت بسبب غباء العالم، الذي سمح للديكتاتور بشار الأسد بأن يبقى في السلطة، فضلا عن عدم قدرة أي شخصية أوروبية أنّ توقف "حاكم موسكو المستبد" عند حده.

 

وأكد شامي في حواره لموقع قنطرة أنّه لم يتوقع أنَّ الكارثة ستكون بهذا الحجم،  فلم يشهد التاريخ حاكمًا قصف شعبه بالغازات السامة.

 

واتهم شامي السياسيون الأوروبيون بخيانة قيم ثقافتهم الأساسية: الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية بعد سماحهم للرئيس السوري بشار الأسد استخدام الأسلحة الكيماوية.

 

 وأضاف  "فجأة يجد مسيو هولاند مبرِّرات لحوار مع الأسد، وجيرهارد شيندلر، رئيس جهاز المخابرات في ألمانيا، يتفاوض مع رئيس المخابرات السورية: يتفاوض مع قاتل! وكلُّ هذا يحدث من دون علم البرلمان الألماني.

 

ويرى شامي أنّ الاعتماد على الطائرات المسيَّروة من دون طيَّار لافائدة منها وإنما يجب إرسال قوَّات برية إلى البلاد، ويجب أن يتم تشكيل هذه القوَّات بمساعدات خارجية. ومع ذلك يجب على العرب أيضًا أن يشاركوا فيها، وذلك لأنَّهم يعرفون كيف يتعاملون - على العكس من القوَّات الأمريكية، التي يتم نقلها بالطائرات المروحية ولا تجد ضالتها.

 

ويؤكد رفيق شامي استحالة التوصل إلى تسوية مع الأسد، إذ لا يمكن التفاوض على تسوية مع قاتل مسؤول عن قتل مئتين وخمسين ألف شخص وقد قصف المدنيين بالغازات السامة. يجب عليه أن يرحل.

 

 

ويوضح أنّ بوتين يحاول أن يعوِّض سياسيًا ما فشل في تحقيقه اقتصاديًا، فمن الناحية الاقتصادية لا توجد لدى روسيا أي كلمة إطلاقًا على مستوى العالم، فهنا تتصدَّر الاقتصاد العالمي أوروبا الغربية والصين والولايات المتَّحدة الأمريكية والبرازيل وربما سنغافورة. والبضائع الروسية لا يمكن العثور عليها في أي مكان. وبوتين يتصرَّف بدوره مثل المستعمر. فهو يرسل الأسلحة إلى شبه جزيرة القرم وإلى أوكرانيا، ويدعم الدكتاتورية في سوريا، وذلك لأنَّه يريد المحافظة على القاعدة العسكرية في طرطوس، التي تمثِّل لغوَّاصاته المرفأ الوحيد على المياه الدافئة.

 

ويقول لو كان يوجد لدى بوتين منافس بمكانة (المستشار الألماني) هيلموت شميت أو فيلي براندت، لكان قد أوقفه عند حده منذ فترة طويلة. ولكن لا توجد اليوم مثل هذه الشخصية بين السياسيين في أوروبا الغربية. فهم يدعون بوتين يلعب مثلما يشاء.

 

وأضاف " من سوء حظّ سوريا تاريخيًا أنَّّها تحتل موقعًا مهمًا استراتيجيًا، فالولايات المتَّحدة الأمريكية وروسيا والصين والعراق ولبنان وإيران - لقد أصبحت سوريا بالنسبة لجميع هذه الدول ساحة لتصفية نزاعاتها، إلى جانب  وتنظيم داعش الذي ظهر في الأمس، أصبح اليوم لاعبًا مشاركًا في هذه اللعبة الدموية، ويضاف إلى ذلك أمن إسرائيل والمسألة الكردية.

 

وقال شامي لا اعتقد  بوجود حلّ سريع لهذا النزاع، فحينما يتم إضعاف طرف ما تزيد قوة الطرف الآخر، وما أن حصل الأكراد على أسلحة وبدؤوا من قراهم في قتال تنظيم داعش بشجاعة، حتى تمت مهاجمتهم من قبل تركيا. وبما أنَّهم تسببوا في هزيمة إردوغان في البرلمان، فإنَّ الرئيس التركي يجدهم في حلم جنون عظمته كعائق يعيق أحلامه، غير أنَّ هذه الفاتورة يتم تسديدها على حساب سوريا، والمعارك تدور على الحدود السورية الشمالية، وتضعف الأكراد، الذين ربما كان من الأفضل وجودهم كشركاء في حلف لمحاربة تنظيم داعش.

 

ويرى رفيق شامي أنّ ما حدث في سوريا ليس ثورة، وإنما  انتفاضة شعبية، حضارية شجاعة قامت بها جماهير تريد الديمقراطية والحرية، حيث خرج ذات يوم مليونا شخص إلى الشوارع، عُزَّلاً من دون سلاح. ولكن بعد ذلك تم إطلاق النار على الجماهير، والمسؤولية عن التحوُّل الفظيع كانت تقع منذ البداية على عاتق النظام الدكتاتوري، الذي يتحمَّل وحده فقط المسؤولية عما آلت إليه الانتفاضات.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه