2015-10-14 

روسيا تعمدت اختراق المجال الجوي التركي

 

آثار التحليق الروسي على الأراضي التركية كثيرًا من القلق لاسيما وأن التقنية العسكرية الحديثة مثل التوجيه عبر الرادار ومساعدات الملاحة عبر نظام الموضع العالمي تجعل التحليق غير المقصود فوق الأراضي المجاورة نادراً نسبياً.

 

ويرجح الخبراء أنّ التحليق الروسي على تركيا كان متعمداً، واستخدم كوسيلة للضغط على تركيا لتحسين سلوكها في القضية السورية، حيث هي على خلاف عميق مع روسيا والأسد، فقد تدفع ثمناً باهظاً في يوم من الأيام.

ويؤكد الزميل المتميز في  زمالة "فيليب سولونتز" جيمس جيفري أنّ التنظيم العسكري عقلاني بحكم معرفته للتاريخ، كان سيعطي تحذيرات لطياريه ولوحدات التحكم بالرادار بعدم انتهاك المجال الجوي في هاتاي التركية.

 

واستبعد جيفري أنه تم إعطاء مثل هذه التحذيرات، مضيفًا "وعلى نطاق أوسع، بينما يغيّر بوتين الوضع القائم باستخدام القوة في الشرق الأوسط، كما فعل في أوروبا الشرقية منذ عام 2008، فإنه لم يعد بإمكان المجتمع الدولي استبعاد أي دافع لأفعاله"

 

وبحسب معهد واشنطن اوضح الخبير الدولي مستندًا على بيان صحفي صدر عن وزارة الخارجية التركية، فإن الطائرة الروسية حلقت فوق مدينة يايلاداغي في مقاطعة هاتاي، منوهًا عن أهميتها الهائلة لاسيما بسبب قربها من الحدود السورية، ومناطق القتال بين نظام الأسد وقوات الثوار.

 

وأشار إلى أن سكان مقاطعة هاتاي هم جزئياً من العرب المنتمين إلى الطائفة العلوية - وهي الطائفة نفسها التي ينتمي إليها بشار الأسد ومعظم الجنرالات والمستشارين والمؤيدين الأقرب إليه.

 

ولفت إلى أنّ هذه المقاطعة تتمتع بتاريخ معقد يؤدي إلى تعقيد حسابات أنقرة حول التدخل الروسي، وحتى أوائل القرن العشرين كانت هاتاي تُعرف بـ "سنجق الإسكندرون"، ولم يكن سكانها الذين يشكلون خليطاً من العلويين والسنة العرب والأتراك والتركمان والشركس والأرمن والمسيحيين المشرقيين والأكراد جزءاً من تركيا كما أُنشئت وفقاً لـ "معاهدة لوزان" بعد الحرب العالمية الأولى، بل جرى انتداب المنطقة إلى فرنسا إلى جانب سوريا ولبنان.

 

وتابع تمتعت هاتاي بوضع خاص في إطار الانتداب الفرنسي و"الدولة" السورية، مع منح المجتمع التركي حقوق ثقافية ولغوية خاصة به، وفي وقت لاحق طالب الرئيس التركي الأول مصطفى كمال أتاتورك بهذه الأراضي وأصبحت في النهاية "جمهورية" في عام 1938 تحت وصاية فرنسية وتركية مشتركة.

 

وبعد ذلك بوقت قصير، أنشأت المعاهدة البريطانية-الفرنسية-التركية لعام 1939 اتفاقية أمنية متبادلة بين الدول الثلاث، واعتُبر التنازل عن هاتاي إلى تركيا بمثابة مقابل لانضمام أنقرة إلى الاتفاق، وعلى الرغم من أن تركيا لم تساعد فرنسا وبريطانيا في الحرب العالمية الثانية، نظراً إلى بند إعفائها من أي صراع قد يؤدي إلى قتال مع الاتحاد السوفياتي، الذي تحالف مع ألمانيا في عام 1939، إلا أنها استمرت في الاحتفاظ بهاتاي.

 

بيد أن سوريا لم تعترف يومًا بشكل رسمي بفقدان هاتاي ومجتمعها العلوي الكبير، كما أن الخرائط السورية لا زالت لا تُظهر هاتاي كجزء من تركيا (وحتى وقت قريب، حافظ النظام على موقف جغرافي مماثل تجاه لبنان بأكمله). وفي حين توقفت دمشق عن التشديد على هاتاي كجزء من أراضيها خلال ذوبان الجليد في العلاقات - قبل عقد من الزمن - بين الأسد ورئيس الوزراء التركي آنذاك رجب طيب أردوغان، إلا أنها لم تعترف رسمياً بسيادة تركيا.

 

وفي السنوات السابقة، كانت هاتاي جزءاً من مجمع المواجهات المماثل للحرب الباردة بين أنقرة ودمشق، والذي شمل دعم سوريا لـ «حزب العمال الكردستاني» المتمرد وتأمين ملجأ لزعيمه، على الأقل إلى أن هددت تركيا بغزو سوريا في أواخر التسعينات، وعندما سُئل عن التهديد السوري للمقاطعة في منتصف الثمانينات، أجاب الرئيس التركي وقائد الجيش كنعان إيفرين بكلمة واحدة: "Gelsinler"، أو "دعوهم يأتون".

 

ويقول جيمس جيفري أنّ الرئيس السوري والزعيم غير الرسمي للطائفة العلوية، بشار الأسد يعرف هذه القصة بأكملها، من الصعب أن نعتقد أن هذا السياق قد يغيب عن دولة مهووسة لهذه الدرجة بماضيها وبمطالباتها التاريخية وشبه جزيرة القرم ليست سوى مثال واحد من العديد من الأمثلة.

 

 

.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه