2015-10-10 

روسيا ترغب في ترسيخ وجودها في سوريا

من موسكو، سامي كتز وكريم طالبي

الفرنسية - يثير الوجود الروسي القوي في سوريا قلقا لدى الغربيين الذين يتساءلون عما اذا كانت اهداف الرئيس فلاديمير بوتين تتضمن انقاذ الرئيس بشار الاسد وهزيمة تنظيم الدولة الاسلامية فقط ام ترسيخ حضوره في سوريا، مركز الثقل في الشرق الاوسط. وقرر بوتين اخذ زمام المبادرة بعد أكثر من اربع سنوات من حرب اهلية شهدت ظهور تنظيم الدولة الاسلامية والفشل الجماعي للغربيين والعرب وروسيا في حل النزاع الذي اسفر عن مقتل اكثر من 240 الف شخص ونزوح الملايين من اللاجئين. ففي اواخر حزيران/يونيو، اقترح بوتين تشكيل تحالف عسكري كبير يستند جزئيا الى الجيش السوري لمحاربة التنظيم المتطرف. وبموازاة ذلك، كان وزير خارجيته سيرغي لافروف يحاول ترويج الفكرة لدى نظيريه الاميركي والسعودي، فضلا عن مختلف مجموعات المعارضة السورية، في حين بدأ المجمع الصناعي العسكري الروسي تسريع عملية تسليم الاسلحة الى النظام في دمشق. وبعد ذلك، شهد مضيق البوسفور في اسطنبول مرور سفن حربية روسية متجهة إلى ميناء طرطوس السوري، حيث تحظى روسيا بمرافق لوجستية. وفي الاسابيع الاخيرة، سجلت الاقمار الصناعية الاميركية نشاطا عسكريا روسيا مكثفا في مطار اخر الى الجنوب من اللاذقية، معقل المؤيدين للاسد. ووفقا لواشنطن وحلف شمال الاطلسي، فان وجود المروحيات والقاذفات والطائرات الهجومية والدبابات والجنود، يؤشر الى ان الجيش الروسي يبني قاعدة جوية عسكرية. وفي حال تم تاكيد هذا رسميا، او في حال استخدام هذه المعدات،، فسيكون اول انخراط رسمي لروسيا خارج حدودها منذ التدخل السوفياتي في افغانستان اواخر عام 1979. ولم يغامر الجيش الروسي منذ تفكك الاتحاد السوفياتي في عام 1991 سوى مرة واحدة في جورجيا عام 2008. وفي موسكو، يلخص مصدر دبلوماسي روسي رفيع المستوى الذهنية السائدة في الكرملين قائلا "ليس هناك من وقت للمماطلة، قررنا الانتقال من الامور النظرية إلى التطبيق العملي لمقترحاتنا". وهذه الخطوة ليست الاولى لبوتين في الازمة السورية. ففي اواخر اب/اغسطس 2013، تراجع الرئيس الاميركي باراك اوباما عن الضربات الجوية التي اقترحتها فرنسا على مرافق النظام السوري، وتحصن بوجهة نظر الكونغرس. فاقترح الرئيس الروسي تدمير الاسلحة الكيميائية السورية. وكانت النتيجة ان النظام تجنب الضربات واستعاد بعض المصداقية والشرعية. وبعد ذلك بعامين، تركز موسكو جهودها على الهدف ذاته، دعم الجيش السوري وترسيخ وجودها في سوريا، البلد الواقع على مفترق طرق القضايا الجيوسياسية الشائكة في الشرق الاوسط، القريب من لبنان المتعدد الطوائف والعراق حيث الشيعة يواجهون المقاتلين السنة، كما انه يجاور الاردن وتركيا، الباب الواسع الى اوروبا. وتقول المتحدثة باسم الدبلوماسية الروسية ماريا زاخاروفا ان "تكثيف انشطتنا بدأ عندما أدركنا أن التحالف (بقيادة الولايات المتحدة) مصيره الفشل فضلا عن عدم وجود خطة واضحة للمستقبل". من جهته، يقول الخبير العسكري الروسي الكسندر غولتس انه اذا كان الجيش الروسي ينشر قوات في سوريا، فانه سيستخدمها. ويضيف ان الامر "مماثل لمسرح تشيخوف. فاذا كانت هناك بندقية في الغرفة، فينبغي استخدامها" مشيرا الى عمليات قصف "محتملة". بدوره، يقول مسؤول سوري رفيع المستوى، ان التدخل العسكري يشكل "نقطة تحول" مضيفا ان "موسكو تريد تذكير الولايات المتحدة بأن علاقاتها مع دمشق تمتد لاكثر من خمسين عاما، وأن هذا البلد يقع ضمن مناطق نفوذها. كما انه رسالة ايضا الى دول في المنطقة تعتزم روسيا العودة اليها كلاعب رئيسي". ويضيف "بالنسبة للولايات المتحدة، فان سوريا مسألة لا تؤثر على مصالحها القومية، وهذا هو سبب عدم تدخل اوباما. اما بالنسبة لروسيا، فان القضية تؤثر بشكل مباشر على مصالحها نظرا لموقعها في البحر الابيض المتوسط ​​والشرق الاوسط". ويبقى السؤال حول التأثير المحتمل لذلك ميدانيا. ويقول توني كوردسمان، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن ان "بعض الطلعات البسيطة، والتدخلات الصغيرة جدا من شانها ان تزيد من مكانة روسيا وقوتها". لكن للتدخل العسكري الروسي في المنطقة حدود. فمقابل مرفأ طرطوس وما يبدو انه قاعدة روسية في اللاذقية، فان للولايات المتحدة قواعد عسكرية في المملكة العربية السعودية وتركيا ومصر والبحرين وقطر والامارات العربية المتحدة وسلطنة عمان.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه