2015-10-10 

الرومانسية في الأصل سعودية

جاسر الجاسر

السعوديون يملكون طاقة الرومانسية، لكنهم لا يعرفون أدواتها، لذلك أصبحوا الأكثر رومانسية في «تويتر»، بمعنى أنها رومانسية افتراضية ظنية مدارها تكرار المقولات والآهات. صحيح أن السعودي حين يمر بأرض في بلده فإنما هو يعبر تاريخ عشق سجله بيت لهذا أو ذاك، لكن المشكلة أن الرومانسيين الجدد لا يقرأون الشعر ولا يعرفون سوى أن «الأخطل» نصراني، وأن «عنترة» أسود، أما ابن أبي ربيعة فهو مخزون المتثيقفين حين يريدون التحرش بأنثى. السعودي لديه تاريخ العشق العربي وإرثه وقصصه وعذاباته التي كانت معظمها شعرية غابت تفاصيلها وأحداثها فلم يبق منها سوى أبيات تذوب عشقاً صادرة عن رجل لم تعرف حياته الرومانسية لا على مستوى الطبيعة ولا الحياة الاجتماعية. من الطبيعي أن يكون السعودي رومانسياً في «تويتر» مثلما كانت رومانسية أسلافه تقف عند حدود الشعر، فكلاهما يجيد القول في المرأة والتغزل بها واصطيادها كما هو الحال عند مطاردة غزال أو ملاحقة طائر. يجوز القول إن هذا النوع من الرومانسية الفرائسية لا يقتصر على السعوديين بل يشمل العرب، حتى أن نزاراً لا يفعل سوى سحق النساء وبناء أهرامات من الحلمات. الرومانسية العربية قائمة على الاقتحام، أما بداياتها الرومانسية المتفرنجة فهي لا تتجاوز خطة الاستدراج لفريسة مترددة، أما حين تقع في الفخ فإن كل حالات التودد والاقتراب تختفي، حتى أن الورد يصبح أمراً نُكراً والهدايا من العادات السيئة. السعودي الأكثر صدقاً في عدم رومانسيته، فهو يتزوج ويعدد، وكل ما ضاقت حركته استبدل امرأة بأخرى إن لم يعجزه المال وتحبطه الديون. يعرف أن ادعاءاته الرومانسية هي للدعابة والتمظهر أكثر من كونها حماسة وصدقاً، حتى أن طريقته في شراء الورد لا تختلف عنها في شراء الرز، فلن يكون رومانسياً مهما فعل، بينما أكثر كلمة يستخدمها لمناداة امرأته هي «يا هيه». تزعم بلدان البحر المتوسط أنها رومانسية، بينما الواقع هو سطوة المرأة وهيمنتها، فتأتي الممارسات الرومانسية الذكرية تعبيراً عن الطاعة والولاء وتناغماً مع متطلبات السلطة. في مصر ينادون المرأة «هانم» و «آنسة» وفي الشام «خانو»، وهي كلمات غير عربية لا تعني الاحترام لغياب دلالاتها الجذرية. في لبنان تسير المرأة قبل زوجها، لكنها حين تغيب يسميها «مرة» فكيف يكون صادقاً حين يحمل إليها ورداً أحمر. من الطبيعي أن يكون السعودي رومانسياً في «تويتر»، فمن يجمع أربع نساء يحببنه هو أعظم الرومانسيين وأكثرهم دهاء، لذلك يجب إعادة تعريف الرومانسية، فهي ليست المشاهد السينمائية العربية الحالمة وكلمات الحب والأنين، بل هي هذا السلوك البارع في جمع النساء وإخماد حرائق الغيرة. السعوديون صناع الرومانسية العربية فمن لا يرغب بها عليه الالتحاف الزائف بالرومانسية الغربية.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه