2015-10-10 

أكبر من لعبة «كيرم»

ناصر الظاهري

كانت المراكز الصيفية وما تزال هي المفجر الحقيقي لمواهب الطلاب المزحومين بكتب المناهج التقليدية، الغائب عنهم كل نشاط لا منهجي، فعلاقة الطالب بالمدرسة معدومة، بل هي شبه غائبة، هي في الأصل علاقة طالب بفصله، وحصته فقط، حيث لا يصدق الطالب متى تنتهي الحصة، ليفر من الجدران الأربعة إلى ساحة وفسحة المدرسة، ولا يصدق متى ينتهي من الامتحان النهائي، حتى يمزق الكتاب والدفتر، مدارس زمان على رغم بدائية الأشياء، كانت هناك حصة للفن، من موسيقى، ورسم ونحت، وأعمال خشبية وخط، هناك جماعة تهوى الزراعة، تخرج إنتاجها آخر السنة، وتكون منتوجاتها ضمن المهرجان السنوي للمدرسة، هناك جماعة المسرح المدرسي، وجماعة المكتبة، وهناك الإذاعة المدرسية، وصحافة الحائط، والفرق الرياضية المختلفة، الآن بالكاد أسمع أن هناك نشاطاً مدرسياً ممنهجاً، أو أن هناك وقتاً لدى المدرس، يمكن أن يتخلى فيه عن تدريس مادته، ويرّغب الطلبة في رحلة إلى معلم حضاري أو جغرافي، أو يذهب بهم إلى السينما لمشاهدة فيلم متميز، أصبحت العلاقة بين الطلبة والمدرسين، لا بين الطلبة والمعلمين، إذاً في ظل هذا الجو المصنّع، وهذه العلاقة التي فقدت بريقها، لم يكن هناك متسع لطلبتنا إلا المراكز الصيفية بتعددها وتنوعها، والتي تحرص الوزارة بالتعاون مع جهات مختلفة في الدولة على إقامتها خلال عطلة المدارس، لعلها تنبش من بين طلبة الصفوف المدرسية من ترى فيه موهبة أو إبداعاً أو تنمي مهارة معينة فيه، حتى غدت هذه المراكز ملجأ للطلبة، وحصن أمان لذويهم، لأن المراكز التجارية فاتحة أبوابها، والمقاهي شاغرة كراسيها، وكل ما يساعد على المشي البطّال جاهز ومغر وميسّر، ولأن المراكز الصيفية التي تقيمها الوزارة تتكرر كل عام، فالمفترض أن تكون قد استطاعت أن تتخلص من كثير من التراكمات السلبية، وعمّقت تجربتها، ورفدتها بكل جديد وحديث، ولا أريد أن أقارن بين المراكز على أيامنا رغم فقر ميزانية التعليم، ولا وجود لوزارة التعليم أصلاً، وبين المراكز اليوم، لأن المقارنة لصالح الأمس، وليست لصالح اليوم، فقد برزت مواهب كثيرة من خلال تلك المراكز الصيفية، وكان يدعمها وجود مدرسين متخصصين لتلك الأنشطة طوال العام، وساعد على ذلك قلة الأمور الترفيهية، أما اليوم فعلى المراكز الصيفية أن تنشط، وتتحرك، وتبدع، وتجلب كل جديد يساير أبناء الجيل، خاصة في ظل وجود البديل، والمتوفر، والمغري، والسهل، وليت أنها باقية، ويحرص عليها، تلك الرحلات المدرسية الصيفية، ونصف العام، للمتفوقين! جريدة الاتحاد

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه