2015-10-10 

مستقبل الأردن وسط بركان العنف في الشرق الأوسط

من عمان، سهام أشطو

وسط بركان العنف الذي يهدد بحرق منطقة الشرق الأوسط وإعادة رسم معالمها، تواجه الأردن، خطر الاحتراق، فحدودها مشتعلة وسط تنامي نفوذ التنظيمات الإرهابية وانتشار الفوضى. ونجح الأردن في تجاوز الأزمات التي تعصف بالمنطقة بأقل الخسائر، إلا أنّ موقعه الجغرافي يجعله محاطًا بالنيران من كل جانب، بدءًا بحدوده مع سوريا ثم العراق فضلًا عن كونه شريكًا لسلام يبدو أنه مازال بعيد التحقق بين الفلسطينيين وإسرائيل. وبحسب دويتش فليه يحاول المسؤولون الأردنيون إرسال إشارات الاطمئنان وعدم الخوف من تنظيم داعش إلا أنها تبدو غير مقنعة في ضوء وضع متقلب ومفتوح على كل الاحتمالات، خاصة بعد مقتل أردني وإصابة آخرين في حادث الرمثى شمال الأردن إثر سقوط قذائف مصدرها سوريا. ويرى المراقبون أن الوضع في الأردن لا يقل خطورة عن وضع دول الخليج، ففي شماله -درعا السورية- حيث تدور معارك حامية الوطيس بين قوات النظام السوري وقوات المعارضة، وهي المعارك التي قد تنتقل إلى أراضيه، وشرقا مازالت الحرب مشتعلة في الأنبار بين تنظيم داعش وقوات الحشد الشعبي. أما على الحدود الغربية لا يبدو الوضع أفضل حالا فكل تصعيد في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي سينعكس على الأردن المشغول بحماية حدوده. ويؤكد حسن أبو هنية الخبير الأردني في شؤون الجماعات الإسلامية لدويتش فليه أن الأردن أصبح أمام خطر حقيقي بعد فشله في وضع منطقة عازلة تحمي حدوده لاسيما بعد اخفاق ما سمي بـ"عاصفة الجنوب" التي شنتها قوى المعارضة السورية للسيطرة على درعا . ويضيف "الأردن في صلب الأزمة، فعلى حدوده مقاتلون أجانب وعرب ينتمون لأكثر من تنظيم متطرف ومنهم حوالي 2000 مقاتل أردني" ويقول المحلل السياسي الأردني سلطان الحطاب إن الأردن كان حذرا من "عاصفة الجنوب" باعتباره يتعاطف مع بعض الفصائل المشاركة فيها وتحديدا الجيش الحر وبعض قيادات جبهة النصرة، لكنه لا يؤيد فصائل أخرى مثل تلك التابعة لتنظيم القاعدة". وعن الخيارات المطروحة لديه الآن يقول الخبير الأردني: "موقف الأردن طيلة ثلاث سنوات كان ثابتا ومحايدا أما في حالة حدوث مستجد كسقوط نظام الأسد فأعتقد أن القيادة الأردنية ستضطر للتدخل لمواجهة تنظيمات متطرفة على الحدود بالإضافة إلى أطراف أخرى قد تدخل على الخط وقتها، أو في حال حدوث موجة نزوح كبيرة لأن الأردن لن يستطيع إيواء المزيد من اللاجئين لذا قد يقوم بتوسعة مناطق عازلة ليعيشوا فيها وهذا ما يفسر أن الأردن ينظر بقلق لسيناريو سقوط نظام الأسد لأنه لا يوجد بديل له حتى الآن". ويقول أبو هنية إن أمام الأردن خيارات أخرى، إذ مازال ينسق ضمن غرفة عمان وهو حليف الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب، وسيحاول أكثر من أي وقت مضى التنسيق مع حلفائه الإقليميين والدوليين وأيضا مع العشائر داخل الأردن والقوى العشائرية في العراق أيضا، كما قد يكون هناك توجه نحو تعديل في عقيدة الجيش، ولعل أول إشارة على ذلك تسليم راية الهاشميين أي راية لا إله إلا الله في دلالة على تغير مصادر الخطر وهي الجماعات الإسلامية. وبحسب مراقبين فإن عمان تسعى لاحتضان جبهة النصرة من أجل إبعاد خطر داعش وحزب الله والجماعات المؤيدة للنظام السوري عن حدودها. ويقول أبو هنية إن الأردن لا يقدم دعما مباشرا لجبهة النصرة على وإنما يحاول استثمار الخلافات بين هذه الجماعات لتعزيز الانقسامات بينها لصالحه". الأردن لم يتأثر فقط بالأحداث الدائرة في كل من سوريا والعراق وإنما أيضا بما شهدته وتشهده مصر، ويقول أبو هنية إن إخوان الأردن تأثروا أيضا بمنع الجماعة في مصر وتصنيفها كمنظمة إرهابية، والسلطة في الأردن تحاول الآن شق هذه الجماعة إلى شقين: جماعة تكون المرخص لها والمقربة من السلطة وأخرى تحاول السلطة فكها وحظرها وهذا يزيد من توتر الأوضاع في الأردن، فالجماعة ستضغط أكثر على النظام وربما تنزلق الأمور إلى توتر ثم أزمة ثم تصادم. يتخوف الأردنيون أيضا من قوات الحشد الشعبي التي توصف بالطائفية وتتهم بتلقي الدعم من إيران لخدمة مصالحها في المنطقة. الخوف مما أصبح يسمى المد الشيعي الإيراني لا يبدو أقل حجما من خطر الإرهاب حسب المتتبعين.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه