2015-10-10 

المنيف: نحن من خدمنا انتشار داعش.. وإعلامنا ضعيف

من أبوظبي، فاطمة المحسن

• منهجية "داعش" الإعلامية مصاغة باحترافية • "داعش" أوهم صحافتنا بأنه "دولة إسلامية" • البعض متعاطف بلا وعي.. ولكنه غير مبرر أشار أمجد المنيف الكاتب في صحيفة الرياض، والمستشار في قطاع الاتصال والإعلام الجديد؛ لقوة الدعاية والإعلام لدى التنظيم المتطرف "داعش"، والذي قوبل - بحسب وصفه - بضعف وجود إعلام مضاد من قبل المؤسسات الإعلامية الخاصة، أو الرسمية لدى الحكومات، حيث فند كثيرا من هذه الرؤى في العديد من المقالات الصحفية، واللقاءات التلفزيونية، وتزامنا مع التفجيرات الإرهابية، لهذا التنظيم المتطرف، تفتح "الرياض بوست" هذه الملفات من جديد. - قلت في أكثر من موضع أن لـ"داعش" عمل إعلامي منظم، حدثنا عن هذا الأمر. من المفترض أن نعيد القول (مرارا) بأن هذا التنظيم المتطرف يعمل على سياسته الإعلامية بشكل احترافي، ويستغل شغف الناس بالتقنية وفضولهم، وقلة الوعي غالبا، ويأخذ من منصاتهم الخاصة منابر للترويج، بشكل مجاني وسريع، بل وجنودا تدافع عن رؤاهم - بشكل غير مباشر - وهذا ما يجب أن تتيقنه الجهات المسؤولة، وتعمل على دراسة السلوك العام، ونسب التعاطف، وغيرها. فالمراقب للرسائل الإعلامية لمثل هذه التنظيمات؛ ليلحظ أنها - ولفترة طويلة - اعتمدت على الطرائق الخطابية في الحديث للناس، القاعدة على سبيل المثال، لكن "الدواعش" غيروا من هذه المفاهيم، واعتمدوا لغة الصورة، الثابت منها والمتحرك، ووظفوها لأهدافهم.. بل إن بعض المتخصصين قالوا بأن "داعش" تستخدم تقنيات الإخراج الموجودة في "هوليوود"، وتحديدا عند استخدام أسلوب "السينما" لتهديد أمريكا، في الـ"فيديو" الذي نشره التنظيم، ومدته 52 ثانية، حيث يهدد البيت الأبيض بتدميره وإشاعة النيران في كافة أرجاء الولايات المتحدة. والأهم من ذلك، أنها تجيد الحديث للشرائح المختلفة، كل فئة بلغتها. - ماذا تقصد بمعرفة الشرائح وتحديدها؟ أي أن التنظيم لا يخاطب الجميع بنفس اللغة، لأنه يفترض التفاوت بالثقافة والوعي والدين والمنطلقات، لذلك - على سبيل الشرح - أصدر ما يعرف بمجلة "دابق" باللغة الإنجليزية، يحاول من خلالها الوصول للمتلقي الغربي، ويكتبها بطريقة احترافية، وهي الامتداد للعمل الإعلامي المنظم للتنظيم، والتي قالت عنها "وكالة الأنباء الفرنسية" - لشدة إتقانها - انها تعتبر Inflight Magazine، أي كمجلات الطائرات، التي توزع مجانا، وتكتب بلغة جاذبة، معتمدة على لغة الصورة بشكل كبير، ومخاطبة الرجل الغربي بطريقة حضارية أحيانا، ولغة العنف في أحايين أخرى. - هل تريد أن تقول إن الرجل الغربي سهل التجاوب، وبالعامية "ينضحك عليه بسهولة"؟ بالطبع لا، يجب أن يعلم الجميع إن "دابق" لم تكتب للقارئ الغربي المعتاد، ولا لأصحاب الخبرة من المنضمين لتلك التنظيمات؛ وإنما تفتش عن المواطنين المتضررين، والذين يعيشون في أحياء فقيرة في المدن الأوروبية والأمريكية، وكذلك أولئك الذين وجدوا في اعتناقهم للأيدولوجية المتطرفة مخرجا لحياتهم، إما لأسباب مادية أو معنوية.. "دابق" - أيضا - تخاطب المحاربين السابقين الذين شاركوا في شتي الصراعات، في كل من أفغانستان والبوسنة إلى الشيشان والجزائر. كما أن اللغة، في الوقت نفسه، تستهدف شبان الأقليات والجاليات التي تعاني من العنصرية، وتحتل النسب الكبيرة من البطالة. - وهل ترى أن إعلامنا يقابل كل ما ذكرت من الاحترافية بما يماثله؟ دعني أجيب بمثال، غاب عن الكثير، خلقت "داعش" لنفسها مصطلح "الدولة الإسلامية"، لتتبناه معظم الصحف العربية، وتتعامل معه كما تريد "داعش" أن توصف، حيث إن هذه الصحف تكرس دعاية هذا التنظيم المتطرف، وتروج لها وتعيد إنتاجها. وهذا التوظيف هو أحد أهم أشكال الدعاية، حيث يسميه علماء الاتصال بـ"الدعاية الدلالية - Semantic Propaganda"، وهو التلاعب بالمصطلحات، ودلالات الألفاظ وتوظيفها لنقش قناعة لدى (الوعي الشعبي)، بأن هذه الجماعة هي دولة تمثل الإسلام. وباختصار (وقعنا بالفخ)! - أين تكمن المشكلة لدينا؟ ماذا ينقصنا لتجاوز ذلك.. عندما تحدثت للزميلة "الحياة"، عن ضعف الحضور الإعلامي، في المؤتمر الصحفي لإيجاز المتحدث باسم قوات التحالف، كأحد زوايا الضعف الكلي للعمل الإعلامي، في "عاصفة الحزم" كأنموذج، قلت بان عدم وجود الإعلام المتخصص، وضعف التأهيل المهني والفني، هما السببان الرئيسان لذلك، وهو أمر شبه معلوم للجميع، لكن ما أتمناه لمعالجة هذا الضعف، هو أن تتبنى الدولة مشروعا حكوميا، يهدف لتطوير الصناعة الإعلامية، بعدما فشلت أغلب مؤسسات القطاع الخاص في هذه المهمة، والاستفادة من الموارد البشرية، كالمبتعثين وغيرهم، بشكل كامل وحقيقي، يضمن صياغة رؤية جادة تخاطب لغة المرحلة، وتعتمد على القوة المعلوماتية والتقنية، ومحاولة فرض منافسة "دولية" مؤثرة، تماما كما هي السياسية الإعلامية الأميركية، التي تلعب دورا مهما في تحقيق مشاريعها الخارجية. - ألا تعتقد أنك تبالغ في مفردة (فشل)؟ في النهاية أنا أعبر عن وجهة نظري وفقا للمعطيات على أرض الواقع، وتحديدا على محك مستوى التأثير، بمباشرة ووضوح، نحن نحتاج إعلاما يخاطب المتلقي الغربي والفارسي والتركي والصيني، ويجيب على تساؤلات المتلقي الداخلي، ويجعله يثق به أكثر. - هل تقصد أن ما يحدث من "قوة إعلامية"، لو صح وصفها بذلك، هي بسبب إخفاق المؤسسات الإعلامية كما تصفها؟ ليس تماما، الأفراد يقع عليهم الدور الأكبر والأهم، هي أن الوعي هو الفيصل للمجابهة، وبنظري أن هناك نوعين من التعاطف والمساعدة لهذا التنظيم. الأول: ممنهج ومقصود، من قبل أشخاص لديهم أفكار غير سوية، وبالأصح "إرهابية"، وهؤلاء لا بد من محاكمتهم، والثاني: عمل غير ممنهج، لكنه ليس مبرر، يتمثل في التعاطف غير المباشر، أو غير المقصود، من حيث إعادة تدوير ونشر جرائم وصور هذا التنظيم، والمساهمة معه في الانتشار، وبث الرعب والخوف. - ومن المسؤول عن نشر الوعي؟ كل شخص هو مسؤول، وكل جهة حكومية أو خاصة يجب أن تكون شريكا في رفع نسبته، ولكن ينتظر من "هيئة الاتصالات" دورا حقيقيا في ذلك، والتي شبه غائبة عن المشهد، أو لم تقم بالدور الواجب أن تفعله، بالإضافة إلى وجوب وجود مرجعية رسمية تجمع كل جهود المكافحة، وتسهم في ترتيب الحل، وتخلق عملا منظما واضح المهام، وقابلا للقياس والمحاسبة. - ماذا عن الصحافة الإلكترونية؟ ألم تكن جزءا من الحل؟ كنت أعول كثيرا على الإعلام الرقمي، وتحديدا "الصحافة الإلكترونية"، والتي تنتشر بواقع 2000 صحيفة إلكترونية، بحسب إحصائيات سابقة، لكنها كانت (سيئة) الحضور، عدا عدد قليل جدا منها، لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، بعد أن أخفقت في المتابعة الآنية، ورصد التغيرات على رأس اللحظة، واستغلال التقنية في التحديث الدائم، والوصول السريع للقارئ، بالنسبة لـ"عاصفة الحزم"، ولم يحالفها التوفيق في أن تكون ضدا لـ"الدواعش". - كلمة أخيرة.. نذكر أن الأمن غير قابل للمقامرات أو المزايدات أو ما شابه، ولا يمكن حل أي شيء إلا بالوعي.. والقانون من قبل. والسلام

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه