2015-10-10 

الفارق في القارئ وفي الكاتب

سمير عطا الله

أعاد الدكتور نديم نعيمة ترجمة أعمال جبران خليل جبران إلى العربية. والرجل هو ابن شقيق ميخائيل نعيمة، رفيق جبران في «الرابطة القلمية» وأقرب أعضائها إليه. تحدث الدكتور نعيمة عن عمله المهم هذا، إلى الزميلة فاطمة العبد الله في «النهار»، وأثار، للمرة الأولى كما يخيل إليّ، نقطة بالغة الأهمية في سيرة جبران وأدبه. قال إن الكاتب ليس صنيعة نفسه فقط، بل هو صنع قارئه أيضًا. وذكر أن الفارق كبير بين جبران، الذي كان يكتب إلى الصحف العربية، وبين جبران، الذي انصرف إلى الكتابة بالإنجليزية فيما بعد. فالقارئ العربي، أوائل القرن الماضي، كانت له اهتمامات ومشاعر وأبعاد ثقافية مختلفة عن القارئ الأميركي ومناخه العاطفي والفكري. وأعطى مثالاً على ذلك بعض أعمال جبران الأولى، مثل رواية «الأجنحة المتكسرة» التي قال إنها تجاوبت مع مشاعر الشاب الشرقي الرومانسي، في حين قوبلت على المسرح الأميركي بالهزء والسخرية، وبدت مثل عمل وضعه طالب في الثانوية. كم يبدو لي الأمر دقيقًا اليوم. لكنني عندما قرأت «الأجنحة المتكسرة» يافعًا، ملأت عليّ جوارحي، وحملتُ معها أحزان بطلتها سلمى كرامة إلى سنوات. كذلك حدث مع «دمعة وابتسامة» و«الأرواح المتمردة». وينتقد الدكتور نعيمة الترجمة الأولى إلى العربية لكتاب «النبي»، التي وضعها المطران أنطونيوس بشير في نيويورك، على حياة جبران، قائلاً إن الترجمة لم ترتقِ إطلاقا إلى النص. وقد كانت هذه قناعتي منذ عقود. كما رأيتني ألتقي مع الدكتور نعيمة في أن ترجمة يوسف الخال كانت أفضل الترجمات الكثيرة التي وضعت للكتاب. أما الترجمة التي وضعها الدكتور نعيمة نفسه، فقد أبدى عليها الزميل رؤوف قبيسي (أيضا في «النهار») بعض الملاحظات. وثمة ترجمة شهيرة كان وضعها ميخائيل نعيمة نفسه قد يكون من الممتع مقارنتها مع ترجمة ابن شقيقه ووريثه الوحيد، والابن الذي نشأ في كنفه. وسوف تبقى صداقة ميخائيل نعيمة وجبران، الذي كان يناديه «ميشا»، سرًا من الأسرار. هل كان حجم الغيرة فيها أوسع من حجم المودة؟ لقد بلغ جبران شأنًا عالميًا لم يبلغه نعيمة، أو أحد آخر من أعضاء «الرابطة القلمية». والرفيق الثالث الذي بلغ شهرة كبرى، لكنها لم تصل إلى مراتب جبران، كان الساحر الآخر أمين الريحاني. لكن فيما تكرس جبران ونعيمة إلى التأليف والرسم، تنقل الريحاني المغامر في حقول شتى: ممثلاً مسرحيًا يؤدي الأدوار الشكسبيرية، ورحالة من طراز بديع، وعاملاً في دكان خاله، وتاجرًا فاشلاً، وعاشقًا عابثًا. وحامل المجموعة شخصية فريدة في الأدب والترحال والسياسة

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه