2015-10-10 

نهاية داعش ستكون في السعودية

من الرياض ، غانم المطيري

نشر معهد الشرق الأوسط مقالا عن تنظيم الدولة الاسلامية وكيف نجح في سوريا والعراق ويؤكد المقال أن داعش لن تنجح في السعودية. تضع الجماعة الإرهابية المعروفة بالدولة الإسلامية (داعش) عينيها على المملكة العربية السعودية. لأشهر من التهديد ل “أرض الحرمين الشريفين” بلغ ذروته في رسالة صوتية في منتصف مايو، لقائد الجماعة، أبو بكر البغدادي، وأشار فيها إلى الحكومة السعودية بأنها “قادة من المرتدين”. ومنذ ذلك الحين، حملت داعش على عاتقها تنفيذ هجمات إرهابية داخل المملكة. ولأسبوعين على التوالي، شن تابعون لداعش هجمات انتحارية على المساجد في المنطقة الشرقية، حيث تعيش غالبية الشيعة السعوديين. والأهم ، ومنذ بداية العام، استهدف متشددون مرتبطون بداعش عدة دوريات أمنية للشرطة في قلب المملكة العربية السعودية، بما في ذلك الرياض. وعلى الرغم من أن هذه الهجمات ضد أهداف سهلة ربما يتجنب مثل هذه الهجمات ضد الأهداف الصعبة على المدى القصير، وتشمل تفاقم التوترات الطائفية المشتعلة بالفعل بسبب العديد من الصراعات الدموية الدينية ، إلا أن داعش لن تنجح في المملكة العربية السعودية كما فعلت في سوريا أو العراق، أو بالطريقة التي نجحت فيها بعض عناصر القاعدة في اليمن، والصومال، وشمال مالي، أونيجيريا. وتنشط هذه المنظمات الإرهابية عندما توفر على الأقل واحد من الشرطين التاليين: الفراغ السياسي والأمني الناجم عن القتال العرقي أو الطائفي الضروس في دولة فاشلة، أو عند وجود رواية موثوقة يتم تصوير السنة فيها، سواءً كانوا أغلبية أم أقلية، على أنهم يتعرضون للهجوم من قبل طائفة أخرى. ويجبر هذا الشرط الأخير سنة أخرين، سواءً من داخل أو خارج البلاد، على الانضمام إلى “الجهاد” بهدف حماية إخوانهم السنة، كما حدث في العراق وسوريا. وليس هناك وجود لأي من هذه الشروط في المملكة العربية السعودية، وبالتالي، سوف تفشل داعش في سعيها لقلب النظام السياسي هناك. وقبل وقت طويل من سماع العالم بداعش أو حتى بتنظيم القاعدة، حاول متشددون إسلاميون المطالبة بالمملكة باعتبارها مهد الإسلام. وفي عام 1979، فرض بضع عشرات من المتشددين، ومعظمهم من السعوديين، حصاراً على أرض الإسلام الأكثر قداسة، المسجد الحرام في مكة المكرمة. ولم يكتف هؤلاء بمحاولة وضع نهاية للنظام السعودي لعلاقاته الوثيقة مع الغرب، بل وأراقوا أيضاً دماء مسلمين أبرياء في سبيل تحقيق أهدافهم. وعلى الرغم من أن ذلك الهجوم صدم السعوديين من جميع المشارب، تغلبت الحكومة في نهاية المطاف على “المتمردين” وأعدمت زعيمهم. وفي عام 2003، حاول تنظيم القاعدة زعزعة استقرار المملكة من خلال مهاجمة المجمعات السكنية للعمالة الوافدة. وبعد تردد لإدراك خطورة التهديد، بدأت وزارة الداخلية السعودية، في عهد وولي العهد الحالي، الأمير محمد بن نايف، جهود مكافحة الإرهاب التي شكلت العملية الأمنية جزءً منها، وكان الجزء الآخر هو حملة لتوعية الجمهور. ووضعت المبادرة الآلاف من المتعاطفين مع المتشددين في السجن. وأعلنت السلطات السعودية مؤخراً أنها قامت بمحاكمة 492 شخصاً اتهموا بارتكاب جرائم تتعلق بالإرهاب في الأشهر الستة الماضية فقط. ووضعت الحكومة بضعة آلاف من الأشخاص أيضاً في برنامج إعادة تأهيل يجمع بين التوجيه الديني والإرشاد النفسي. وعلى الرغم من أن السلطات السعودية واصلت القيام باعتقالات وإحباط مؤامرات، لم يقع أي هجوم إرهابي كبير في المملكة العربية السعودية منذ عام 2006 حتى الآن. وقد لاحظ كثيرون أن داعش لا تشبه أي جماعة سنية متشددة في العالم على الإطلاق. وأدى نجاح هذا التنظيم في تجنيد الآلاف للانضمام إلى القتال في سوريا والعراق، وقدرته على الصمود عسكرياً ضد الحكومتين العراقية والسورية، إلى ظن البعض بأن داعش تمثل شكلاً من الأشكال الأكثر تطوراً لمثل هذه الجماعات. ولكن رغم ذلك، ازدهرت داعش، ومن قبلها القاعدة، في هاتين الدولتين عندما واجهتا عدم الاستقرار السياسي والعنف المدقع. وفي العراق، وضعت داعش جذورها في ظل الوضع الذي أعقب غزو الولايات المتحدة، وهو الغزو الذي قلب النظام السياسي المستمر منذ عقود وجرد الأقلية السنية من السلطة السياسية. وبالطبع، لم تكن داعش فقط من نجحت في إقامة وجود لها على أرض الواقع وفي تحدي سلطة الدولة، بل فعلت الجماعات التابعة للقاعدة الأمر نفسه أيضاً في الصومال، وشمال مالي، واليمن، وحتى نيجيريا. ومن الجدير بالملاحظة هنا أن لدى كل هذه الدول تاريخ من الصراع العرقي والطائفي، وحكومات ضعيفة نسبياً، إما تعرضت للانكسار مؤخراً، أو أنها لم تكن قادرة يوماً على توحيد حكمها تماماً، وبناء مؤسسات سياسية، وأمنية، واقتصادية، قوية بما فيه الكفاية. ومرة أخرى، لا وجود لهذه الشروط في المملكة العربية السعودية. وليس السنة الأغلبية الساحقة فقط، بل ويسيطرون بقوة أيضاً على المؤسسات السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، في المملكة. وبالمثل، ليس لدى السعودية تاريخ من العنف القبلي، الطائفي، أو العرقي، كما هو الحال في اليمن، ونيجيريا، والصومال. وعلى الرغم من أن المملكة لا تزال تعتبر دولة “نامية”، إلا أنها ليست على وشك أن تصبح دولة فاشلة مثل ليبيا. وفي الواقع، لا تعتبر الدولة السعودية عموماً “ضعيفة”. وبدأ صناع السياسة السعودية بتنفيذ سياسة خارجية جديدة أكثر حزماً وذات أهداف تحويلية، عوضاً عن سياسات رد الفعل التي سادت في الماضي. ومن الممكن رؤية هذا النهج الجديد بطريقة دراماتيكية في الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن. ومن الممكن أن يسبب نهج داعش المزدوج في السعودية، والذي يتضمن شن هجمات على نطاق واسع ضد أماكن العبادة الشيعية وهجمات أصغر ضد دوريات الأمن المكشوفة، حالة من عدم الاستقرار على المدى القصير، وتفاقم توتر العلاقات بين السنة والشيعة. وفي أعقاب الهجوم الذي وقع في القطيف قبل أسبوعين، دعا بعض رجال الدين الشيعة أتباعهم إلى تشكيل لجان شعبية لحماية مجتمعاتهم، ولمح البعض إلى أن الدولة قد لا تكون تمتلك القدرة، أو الرغبة، لفعل ذلك. لقد تعلمت أجهزة الأمن والمخابرات السعودية من تجربتها مع القاعدة، وسوف تقوم بإجراء التعديلات اللازمة لمواجهة تكتيكات داعش عاجلاً، وليس آجلاً. وكما فشل المسلحون الذين اقتحموا المسجد الحرام في عام 1979، وفشل تنظيم القاعدة، سوف تفشل داعش أيضاً. وقامت الرياض بوست بترجمة جزء من المقال وتأكدت من صحة ترجمة الجزء الباقي من المصدر الإنجليزي.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه