2015-10-10 

الصين: إيران ضرورة استراتيجية لمواجهة أمريكا

من واشنطن، خالد الطارف

يثير الدور الذي تلعبه إيران في حسابات بكين الحيرة لشركاء الصين لاسيما الأكبر حجمًا من طهران في مجالي الطاقة والتجارة في الرياض وواشنطن . تكشف التقارير أنّ قيمة التجارة الثنائية بين الصين وإيران بلغت إلى حوالي 50 مليار دولار أمريكي بحلول أواخر عام 2014، تبقى تلك التجارة محدودة جداً مقارنة بالتجارة الثنائية بين الولايات المتحدة والصين، التي تفوق قيمتها المبلغ المذكور بـ 11 ضعفاً. ويبقى السؤال الشائك لماذا تلعب إيران دوراً يبدو أنه أكبر من حجمها في حسابات بكين في المنطقة. ويرى كيفن ليم الباحث المستقل في السياسة الخارجية والأمن في منطقة الشرق الأوسط، أنّ الجزء الأكبر من الإجابة يكمن في قيمة إيران الجيوستراتيجية كمحور رئيسي في التقدم الصيني البري باتجاه الغرب، الذي تعتبره الصين ضرورياً لمواجهة كل من استدارة واشنطن نحو الشرق والتفوق البحري للولايات المتحدة. ويوضح أنّ العلاقات القوية بين البلدين قديمة الأزل في مجال التعاون العسكري والاقتصادي. وكشف كيم ليم أنّ الصين تسعى في الآونة الأخيرة، إلى الالتفات نحو الغرب في إطار مشروع «حزام طريق الحرير الاقتصادي» الذي أطلقه الرئيس الصيني شي جين بينغ في سبتمبر 2013. وقد سبق أن دفع وانغ جي سي - أحد ألمع الأدمغة الاستراتيجية في الصين - بفكرة "الالتفات نحو الغرب" في عام 2011، بهدف ملاقاة استدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما نحو الشرق ومواجهتها. وأضاف تُعد الصين المستورد الصافي الأكبر للنفط في العالم، ونظراً إلى مخاطر الاعتراض البحري، أصبحت الحاجة إلى قنوات طاقة برية بالغة الأهمية، وبالتالي فهي تخطط لتحديث شبكة الطرقات والسكك الحديدية الواسعة الممتدة عبر آسيا الوسطى، وتموّل تلك الجهود عبر «بنك الاستثمار للبنية التحتية الآسيوية» و «صندوق طريق الحرير». وتابع الباحث في السياسة الخارجية والأمن في منطقة الشرق الأوسط وفي عام 2012، أنجزت الصين بناء سكة حديد تمتد من قورغاس الصينية إلى زيتيجين في كازاخستان، ومنها إلى غرب روسيا وأوروبا، في موازاة السكة الحديدية التي تمتد من أورومتشي، عاصمة مقاطعة شينجيانغ، وتمر عبر بوابة جونغاريا الصينية (ألاشانكو) وإلى ألماتي، أكبر مدينة في كازاخستان، متوقعًا أنّ يشق هذا الممر طريقه بين الشرق والغرب عبر إيران ليصل إلى الخليج في النهاية. وبحسب معهد واشنطن كشف المفكر الاستراتيجي غاو باي، أنّ الصين إلى إيجاد ثقل مضاد للتفوق البحري الأمريكي عبر بناء خط سكة حديد فائق السرعة قادراً على بسط السلطة من ساحل الصين الشرقي إلى قلب أوراسيا - ويشكل ذلك نوعاً من جدار قاري في حال وقوع اضطرابات بحرية. وتلعب إيران دورًا هامًا في ظل جميع هذه التطورات، فطهران ليست فاعلاً مؤثراً في آسيا الوسطى، إلا أن إيران دورها جيوستراتيجياً كونها طريق الوصول غير الروسي إلى المياه المفتوحة الأكثر ملاءمة بالنسبة إلى تلك البلدان، وحيث تشكل التقاطع الوحيد لخط التجارة في آسيا الوسطى الذي يمتد بين الشرق والغرب والشمال والجنوب. وبالنسبة لبكين، فإن ما يزيد من قيمة إيران الجيوستراتيجية هو موقعها الممتد على أحد جسري العبور البريين في الصين نحو الغرب، أما الجسر الآخر فيمر بمحاذاة الشاطئ الشمالي لبحر قزوين عبر كازاخستان وجنوب غرب روسيا بالقرب من منطقة القوقاز، ولكن يمكن القول أن إيران تمثل الطريق الأكثر أهمية لأنها صلة الوصل مع كل من أوروبا والخليج. ونظراً لهذه الركيزة من الربط القاري، اتخذت الجمهورية الإسلامية موقعاً مهماً بالنسبة إلى بكين، يتخطى حجم سوقها المحلي أو دورها كمزود للطاقة. وإذا أدى الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة إلى رفع العقوبات عن طهران، فليس هناك شك في أن الصين ستعزز حضورها في الاقتصاد الإيراني. وبالمثل، سوف تواجه الصين قدراً أقل من العقبات في توسيع شبكات الطرق، والسكك الحديدية، والأنابيب التابعة لها عبر الجسر البري الذي يمثله المنبسط الإيراني المرتفع. و من الممكن أن يمهد الاتفاق النووي الطريق أمام انضمام إيران بشكل كامل إلى «منظمة شانغهاي للتعاون»، علماً أن طلب عضوية إيران رُفض منذ عام 2008 على أساس أن طهران تخضع لعقوبات الأمم المتحدة. ويُنظر عموماً إلى «منظمة شانغهاي للتعاون»، التي تضم الصين وروسيا، وجميع جمهوريات آسيا الوسطى باستثناء تركمانستان كأعضاء كاملي العضوية، كثقل مضاد لـ «حلف شمال الأطلسي» ("الناتو") والولايات المتحدة، ولذلك يكاد يكون من المؤكد أن إيران تعتبر المنظمة ضمانة إضافية في حال نشوب أي نزاعات مع الغرب في المستقبل.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه