2015-10-10 

من الذي شرب المَقلب؟

طارق الشناوي

في المقاهي الشعبية المصرية دائما يتكرر هذا النداء: واحد شاي أو قهوة أو حلبة و«صَلّحُه». في العادة لا تجد أي رعاية أو اهتمام خاص، لكنك تقنع نفسك بأنك زبون استثنائي، وأن صاحب المقهى «يتوصى بك»، ومع كل رشفة جديدة من الكوب تحاول أن تزداد اقتناعا بأنك تحتسي قهوة ليست مثل كل القهوة. كلنا بين الحين والآخر نميل للتواطؤ مع أنفسنا لكي نشعر بالسعادة، حتى لو كانت مجرد لحظات مسروقة وزائفة. شيء من هذا، أو لعله هذا كله من دون شيء، ستجده في برامج المقالب التي ستطل عليك من كل صوب وحدب بعد أقل من 72 ساعة، لتجد نفسك تعيش في مولد وصاحبه مع الأسف حاضر، فما إن تنتهي من مقلب كانت ضحيته نانسي عجرم تجد أنك بصدد مقلب ضحيته هذه المرة فيفي عبده أو صوفينار. كل التفاصيل تؤكد أنهم مدركون وليسوا كما يحاولون أن يصدروا إليك أنهم مخدوعون، والحقيقة هي أنهم لو لم يكونوا على علم مسبق قبل التورط في التسجيل فإن الحد الأدنى هو أنهم أثناء التصوير استشعروا الخدعة، لكنهم استمروا في اللعب معك وعليك. ما هو موقف المشاهد؟ هل هو سلبي تماما يجلس في استرخاء أمام الشاشة يضحك على الموقف الذي وجد فيه مثلا هيفاء وهبي، فاضطرت أن تدافع عن نفسها وخرجت منها كلمة تتناقض مع الصورة الذهنية التي صدرتها وصدقها جمهورها، وسوف يحرص المونتاج على أن يتركها بدلا من حذفها أو سيضع صفارة تدعوك لكي تضع أنت الكلمة المحذوفة؟! المشاهد بداخله رغبة لا شعورية في رؤية هيفاء - وغيرها - في حالة ثورة بعد أن شاهدها كثيرا في منتهى الحنية وهى «تبوس الواوا»، فلا بأس من أن تحدث هي هذه المرة «الواوا» لمن يضعها في موقف محرج. أكثر فنان صار متخصصا في هذا النوع هو رامز جلال، الذي يحتفي بضيوفه من خلال تقديم مفاجأة تتغير في كل عام، مرة في لقاء وجها لوجه مع أسد، أو يقنعهم بدخول مغارة للرعب ثم تجده يقفز إلى البحر خوفا من الغرق ليقابل سمك القرش المتوحش، هذه المرة انتقل من القفز بحرا إلى الطيران جوا بالباراشوت، والغرض من كل ذلك هو تقديم الوجه الآخر للفنان. استمرار رامز من عام إلى عام يؤكد أن له جمهورا ينتظره ويفضل اللعب معه، حيث إن البعض حاولوا العام الماضي استنساخ رامز بنجوم لهم أسماء أكبر، مثل المطرب محمد فؤاد، وكانت النتيجة هي الفشل الذريع لمن يريد التقليد. هذا العام ينافس رامز نجم الكوميديا هاني رمزي في قناة أخرى وبمقلب مغاير. عرفنا هذا النوع من البرامج في عالمنا العربي مع فؤاد المهندس قبل أكثر من 30 عاما، ثم أكمل المسيرة إبراهيم نصر، وبعدهما كان حسين الإمام يقدم من الاستوديو برامج مشابهة مع زملائه، ثم صارت أغلب الشاشات العربية عبارة عن مقلب كبير، تخرج من واحد لتجد الثاني في وجهك، وما إن تفيق حتى تجد الثالث والرابع وهكذا، والاتفاق غير المعلن بين كل الأطراف أنه إذا اكتشف الفنان أنه مخدوع فعليه أن يستمر في اللعبة حتى النهاية. ملحوظة.. لا تنس أن تضع في المعادلة أن النجم يحصل في العادة مقابل المشاركة في هذه البرامج على الأجر مضاعفا، بينما الذي شرب المقلب هو أنا وأنت عزيزي القارئ. نواصل المشاهدة ونتواطأ مع أنفسنا ونحن نحاول أن نصدق أنه بحق وحقيقي «واحد مقلب وصلحه».

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه