2015-10-10 

إيران والبيت الأبيض... وليلة سقوط بغداد

عبدالله الجنيد

كلما أرادت إيران حجة للعتب على البيت الأبيض تحركت داعش شرقا أو شمالا في العراق، فداعش تمثل القاسم المشترك بينهما لاختلاق قنوات تواصل تتعدى التقليدية منذ سقوط الموصل في يونيو 2014 إلى حين سقوط الانبار بيد نفس العدو في 17 مايو 2015 . ويتزامن كل ذلك مع عمليات لم تنقطع للتحالف الدولي ضد ذلك التنظيم بقيادة الولايات المتحدة منذ انطلاقة في اغسطس 2014. فتلك العمليات لم تفتأ تلاحق خرافة داعش الغير قابلة للهزيمة من الجو و عمليات خاصة عبر البر كان آخرها عملية أبو سياف في منطقة دير الزُّور السورية بتاريخ 16 مايو 2015 . كل من شاهد عملية انسحاب كتائب الجيش و الأمن العراقي من الانبار أعاد شريط انسحاب الجيش و الامن العراقي من الموصل في يونيو 2014 ، فقد كانت عمليتي الانسحاب منظمة جدا ، و في طوابير تسير حسب سرعة متفق عليها ، مما يؤكد التحظير المسبق لها بهدف تسليم المنطقة و السلاح لداعش كما في الاولى بقياس النتائج لا الافتراض هنا . و لتسجل الادارة الامريكية تخبطها من جديد عبر ترحيبها بمشاركة فصائل الحشد الشعبي المدانة من قبل المفوضية السامية لحقوق الانسان " بارتكاب جرائم حرب في منطقة صلاح الدين / تكريت " لدعم الجيش العراقي في تحرير الانبار من داعشا . في حين انها هي من اصر على اخراج تلك المليشيات من عمليات تحرير تكريت بعد تأكد البنتاغون بشكل مباشر باضطلاع تلك المليشيات بجرائم و تجاوزات ميدانية . اما تصريح رئيس الوزراء العراقي في 19 مايو بطلب دعم " الجيران " في الدفاع عن الانبار و تحرير الرمادي ، فقد جاء متناغما و تسلسل الأحداث ، لكن ما قد فات رئيس الوزراء العراقي في تلك الدعوة و جوب تحديد الجيران او ربما تقديمه للاقربون " الجيران العرب " على ما سواهم لكونهم شركاء العراق الاقرب في تحقيق الامن . و بقراءة سريعة يتضح ان ما حدث في الرمادي ، ما هو الا تنفيذ اعادة انتشار ميداني لإيران بهدف تعويض خسائرها السياسية و المعنوية بعد عاصفة الحزم في اليمن . اما في سوريا فقد مثل سقوط أدلب و جسر الشغور بيد فصائل الجيش الحر انتكاسة حقيقية للوضع الميداني في سوريا لغير صالح الاسد حليف ايران ، بالاضافة الى التقدم الغير مسبوق للجيش الحر في القلمون و الهادف لقطع طرق إمداد حزب الله و عزله للبدأ في حصار دمشق . سقوط الانبار ما كان ليحدث لو لا خرافة بناء الجيش العراقي و تسليحه من قبل الولايات المتحدة منذ بداية حكم نوري المالكي و قبولها بتحويل كل المؤسسات الأمنية و الدفاعية لمليشيات طائفية ، كان كل همها الدفاع عنه لخدمة مشروع انشاء و ترسيخ دولة المذهب الشيعي الاولى في الفضاء العربي . ذلك المشروع لم يسقط بالتقادم بخلع نوري المالكي في 2014 ، فلقد استبدل المالكي بحيدر لعبادي ، و حيدر لعبادي احد رفاق المالكي المخلصين ، لكن يشهد له انه اكثر برغماتية من سلفه . مع ذلك ، كان اختيار لعبادي مشروطاً بوجود احد المؤتمنين الأقوياء على ذلك المشروع في شخص ابراهيم الجعفري في سدة وزارة الخارجية مما يعيدنا كل ذلك لهذا السؤال ، هل داعش مسخ أسطوري إم انها بدعة قابلة للتصديق و التوظيف في دولة الطوائف و سخرة الدم . فالتخلي عن الرمادي لصالح داعش ما هو الا امتحان جديد لمصداقية الرئيس اوباما بعد كامب ديفيد و تحديداً مفهومه لمعنى أمن و استقرار المنطقة ، فالحالة العراقية القائمة الان منتج أمريكي متعاقبا علية من قبل الجمهوريين و الديمقراطيين . و قد بات من العبث بعد الان القبول بتقديم المزيد من التنازلات لايران في العراق على حساب أمن و استقرار دول الشرق الاوسط العربية مهما بلغت حاجتنا لاتفاق مع ايران حول ملفها النووي . فأهمية التوصل لاتفاق مع ايران حول ملفها النووي يعد قابلاً للتأجيل النسبي ، اما افتراض الآخرين باستمرار قبولنا بالتهديد العاجل لا الآجل لأمننا القومي فيجب ان يكون من الخرافة . فكلما وجدت ايران نفسها في موقف حرج يتعارض و أمنها و مصالحها القومية أوجدت الذريعة المناسبة للتقرب من الولايات المتحدة عبر المزيد من التهديد المباشر لأمن المصالح الامريكية في المنطقة عبر وكلاء ايران الرسميين و غير الرسميين مثل داعش . اما التهديد بسقوط بغداد فذاك امر قد بلغ منه السيف العذل ، لكننا واثقون من التاريخ و الانسان العراقي لا السياسية في تصحيح و تصويب ذلك .

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه