2015-10-10 

مخاتلة... الخليجيون شطّارة

جاسر الجاسر

نتائج قمة كامب ديفيد ليست مهمة بقدر الدور الخليجي الذي برز عاصفاً في هذه القمة. جابهت إدارة أوباما فريقاً شبابياً شديد الشراسة في المفاوضة، يقف صفاً واحداً، ويتحرك عبر رؤية مشتركة، ولديه مطالبات واضحة ومحدّدة، مع أن لا أحد يعرف القائمة الدقيقة للطلبات الخليجية، فلا يمكن تحديد درجة النجاح ومستوى الإنجاز. البيان الختامي أظهر أن دول المجلس هي التي تدير الملفات العربية، إذ جرى التوافق على جميع الملفات بدءاً من اليمن وصولاً إلى ليبيا. ربما يرى البعض أن هذا التنوع يغطّي ضعف التوافق على الملفات الساخنة، وتشتيتاً للانتباه، والقبول بالحد الأدنى. من ناحية أخرى، فإن المهم هو الرضا الخليجي عن القمة ومحصلتها، ما يعني أن المتحقق يفوق المعلن، وإذا كان الشيطان يسكن التفاصيل فلعل الملائكة تسكنها هذه المرة، فالمؤكد أن الخليجيين الذين يواجهون تحديات وجودية حاسمة، لا يمكن لهم القبول بوعود فضفاضة، ولم يذهبوا إلى كامب ديفيد فرحاً بلقاء أوباما، بل كانوا يعرضون طلباتهم ويشيرون، في الوقت نفسه، إلى خياراتهم الأخرى المتعددة إن جاء الصوت الأميركي خفيضاً. السعودية حضرت ومعها «عاصفة الحزم» وما بعدها، ومعها أول تحالف عربي ذاتي الدفع والانطلاق، والأميران محمد بن نايف ومحمد بن سلمان لم يضيعا وقتاً في واشنطن، إذ انطلقا في سلسلة لقاءات تمهيدية مع القيادات الأمنية والعسكرية الأميركية، محصلتها أمران: لجم التعديات الإيرانية، ومناقشة إن كان «مبدأ أيزنهاور» سيخرج من غرفة الإنعاش أم تطول رقدته فيها. يبدو وفق الرضا الخليجي، أن القمة استجابت للمتطلبات الخليجية من دون إعلان كثير من التفاصيل، وأن نجاحهم جاء نتيجة المواجهة المباشرة والوضوح في استعراض مواقف سابقة لإدارة أوباما، والتأكيد أن الظرف الحالي لا يسمح بمجرد النوايا الحسنة والتطمينات، وإنما يستلزم فعلاً واضحاً والتزاماً ضامناً. لو افترضنا أن الرضا الخليجي مجرد مجاملة ديبلوماسية، فإن الأيام المقبلة ستكشف تحركاً خليجياً مختلفاً يدير البوصلة إلى وجهات أخرى، تجعل واشنطن في الصف الثاني وما بعده. السعودية التي رهنت وجودها في حرب تهدف إلى تطهير اليمن من المدّ الإيراني، لن تقبل أبداً لقاءات ناعمة وكلاماً معسولاً. السعودية بحزمها وحيويتها، تجاوزت كثيراً مستوى اجتماعات الصور والعشاءات الودية. منذ إعلان بيان القمة، وتحليلات كثيرة تدور حول ضعف حصيلتها، إلا أن الثقة بالموقف الخليجي وبإدراكه الجذري للأخطار الشرسة، تؤكد أن الصورة الجماعية الضاحكة كانت علامة نصر، وإنجازاً كبيراً، ودلالة ثقة بالقدرة على التغيير والتبديل. في كل الأحوال، ليست البيانات الإعلامية هي المحصلة الفعلية، ولا بد مع الوقت أن تظهر شياطين التفاصيل أو ملائكتها.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه