2015-10-10 

التاريخ المؤلم يكرر نفسه في لبنان

جهاد الخازن

أبدأ ببعض الأمثال الشعبية: بنت مليحة ولا صبي فضيحة. أغرب الغرايب مرا مكحلة وزوجها غايب. الرجال عند أغراضها نسوان. تزوج مَحْدَلة ولا تتزوج أرملة. همّ البنات للممات. مطرح ما ترزق إلزق. المرا بدك تكسب عداوتها إمدح جارتها. البرد والقلّة سبب كل علّة. كل شي قرضة ودين إلا دموع العين. الدراهم مراهم. ما سبق وجدته في المجلد السادس من ثمانية مجلدات، كل منها يضم كتابين من تأليف سلام الراسي، أو أبو علي، رحمه الله. الكتابان هما «قال المثل» و «الناس أجناس»، وأبو علي مؤرخ التراث الشعبي اللبناني، وقد عرفته في لندن وكنت على صداقة مع أسرته. وكتبه سبق أن أشرت إليها، ثم رأيت وأنا أراجع مؤلفاته أن أتوكأ عليها بما يفيد القارئ ويبعده عن هموم السياسة العربية يوماً واحداً. ما كنت عدت إلى الأستاذ الراسي لولا أنني وجدت أن ما سجل قبل أربعين سنة وثلاثين وعشرين أكثر صدقاً عن حالنا اليوم مما كان يوم سجله. الشاعر قال: قم يا رياض الصلح حاربْ/ عبث الأحبة والأقاربْ أخذوا مفاتيح البلاد/ وسلموها للأجانبْ ومثله: أهل الزعامة ماتوا/ فقلدوها العلوجا من قلة الخيل شدّوا/ على الكلاب السروجا اليوم أضع كلمة إرهابيين بدل كلاب، وواحدهم أشد أذى من كلبٍ كَلِب. وينقل الأستاذ الراسي عن نجم الأدب الشعبي أديب حداد (أبو ملحم) قوله: لبنان يا أغلى وطن بدنا جواب/ ليش صار مرقد عنزتك مرقد دياب النفاق كان قديماً واليوم، والشاعر قال: ألمْ ترني أزور الوزير/ وأمدحه ثم أستغفر ويثني عليّ وأثني عليه/ وكلٌ بصاحبه يسخر حاولت أن أنقل بعض الأمثال والشعر ما ليس ذائعاً شائعاً مستعملاً. والمؤلف ينقل عن الشيخ إبراهيم اليازجي قوله إن أبلغ الأقوال ما وافق مقتضى الحال وبقي في البال. ويقول المؤلف إن هذين الشرطين يكمل أحدهما الآخر. وشعراً: أبلغ الأبيات ما إن قل دلْ/ آية أو بيت شعر أو مثلْ أبقى مع الشعر، والبيتان التاليان أصدَق اليوم من أي وقت مضى: يعامل بعضنا بعضاً بعنف/ يحيط بأهلنا من كل جانب ونأبى الاعتراف بأي ذنب/ ونلقي اللوم فيه على الأجانب وهناك بيت شعر أحفظه وأرجح أنني سجلته قبل سنوات هو قول عبدالمنعم الرفاعي: باكٍ عليك محا بالدمع ما كتبا/ آهٍ فلسطين كم سيف حملت نبا غير ذلك: لو أن خفة عقله في رجله/ سبق الغزال ولم يفتْه الأرنب الأستاذ سلام الراسي أعطاني اسم كاتب زجل مشهور كان الناس يجهلون كاتبه. الشعر هو: باشكوف خبِّر دولتك/ سلطاننا عبداللطيف باريز مربط خيلنا/ ورصاصنا قلّط جنيف الشاعر هو ابن الجنوب علي هيدوس، وعبداللطيف هو السياسي اللبناني عبداللطيف الأسعد الذي كان مرشحاً في الانتخابات وخسر. أما باشكوف فكان الكومندان الفرنسي حاكم المنطقة أيام الاستعمار. وقلّط تعني تجاوز. أين مِثل سلام الراسي اليوم؟ بالعربية العاميّة أقول: مَفيش. * نقلا عن "الحياة"

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه