2015-10-10 

الملك سلمان في وجه التحديات

بي بي سي

بداية حاسمة لعاهل المملكة العربية السعودية الملك سلمان بن عبدالعزيز ، فقد أحدث تغييرات جذرية في النظام السياسي الداخلي والإقليمي والدولي. كما يراها أوين بنيت جونز المحلل بموقع بي بي سي. فيقول جونز داخليًا لم يكد يمر 100 يوم على توليه الحكم حتى أصدر تغيرات كبيرة أُدخلت على مجلس الوزراء والتي شهدت تعيين ابن أخيه، وزير الداخلية القوي، الأمير محمد بن نايف، في منصب ولي العهد وابنه، الأمير محمد بن سلمان، في منصب ولي ولي العهد ليمهد الطريق له حتى يجلس على العرش في المستقبل . وبذلك فإن الملك سلمان يظهر أن ثمة طريقة أخرى لممارسة السياسة في السعودية،ويسجل قطيعة مع سياسة الحذر المقصودة التي كان ينهجها سلفه الملك عبد الله . بالنسبة إلى نظام دأب على الحركة التدريجية وإجماع النخبة السعودية. كما خفت أصوات الليبراليين السعوديين الذين كانوا ينادون بالتغيير في السعودية، وخلص المطالبون بتوسيع الممارسة الديمقراطية في السعودية، بالرغم من أنه رقّى البعض ممن يعرفون بأنهم محافظون، خصوصا بعدما رأوا ما أدت إليه رياح التغيير في كل من مصر وسوريا وليبيا واليمن. وأصبح النظام الذي كانوا يرونه فاسدا ولا يخضع أفراد الأسرة الحاكمة للمساءلة فيه، يظل أفضل من أي بديل يأتي لو سقط النظام، ورأوا أن عماد الاستقرار في البلد هو التفاهم بين أسرة آل سعود وعلماء الدين الوهابيين. إلا أن عماد الإستقرار أصبح قديما ومهددًا بالأنهيار فهناك توترات في العلاقة بين الوهابيين الذين ينظرون إلى أعضاء أسرة آل سعود باستخفاف كما يعتبرونهم "فاسدين" وحكاما يميلون إلى العلمانية ولهم علاقات وثيقة مع الغرب ، من ناحية أخرى فإن الأسرة الحاكمة والكثير من السعوديين يشعرون بالقلق من تصدير "الجهاد خاصة مع نمو تنظيم القاعدة وظهور ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية. وأصبح هذا الخلاف واضحًا وجليًا للعيان ففي الثمانينيات من القرن العشرين، عندما شاهد الكثير من السعوديين صورا تلفزيونية تظهر أبناء وطنهم وهم يحملون بنادق الكلاشنيكوف في أفغانستان، فإنهم اعتبروهم أبطالا. لكن اليوم، عندما يشاهدون الأمر ذاته يحدث بالقرب من بلدهم في سوريا والعراق، فإنهم يشعرون بالقلق ويتساءلون كم من الوقت سيستغرق الأمر قبل أن يتمكن الجهاديون من توسيع خطوطهم الأمامية لتشمل السعودية ذاتها. وخارجيًا فإن الخطوات المبكرة التي اتخذها العاهل السعودي توحي بأنه يستشعر الحاجة إلى عدم الاكتفاء بمواجهة إيران على الصعيد الإقليمي وإنما مواجهة الضعوط السياسية على الصعيد الداخلي. واقتصاديًا فالأسرة الحاكمة في السعودية بفضل المدخرات الهائلة التي راكمتها والبالغة 700 مليار دولار تستطيع بسهولة التغلب على أي أزمات سياسية في المستقبل من خلال تعميم الكرم المالي على أفراد الشعب بهدف كسب ودهم وولائهم. لكن الإحصائيات المتوافرة ليست جيدة فعندما أراد الملك عبد الله استباق الاحتجاجات التي اقترنت بالربيع العربي حتى لا تصل إلى السعودية، فإنه أغدق 130 مليار دولار على الأقل لدعم بعض القطاعات. ورغم ذلك، فإن معظم سكان السعودية البالغ عددهم نحو 30 مليون، لا يمكن أن يتوقعوا الحصول على المزايا التي يحصل عليها القطريون والكويتيون. ويقبل السعوديون الذين يواجهون بشكل متزايد البطالة فكرة أنهم قد يجدون أنفسهم مضطرين إلى العمل في المقاهي والمطعام كنادلين وليس كمديرين. وتعتمد المعونات المالية التي تغدقها الدولة السعودية على مواطنيها على مداخيل النفط والتي تمثل نحو 90 في المئة من إيرادات الحكومة السعودية، لكن بسبب انخفاض أسعار النفط الخام، فإن الرياض تعاني عجزا في الميزانية يقدر بنحو 39 مليار دولار. هناك وجهات نظر متنافسة بشأن النفط في السعودية: فثمة من يرى أن الجمع بين سياسة الأسعار المنخفضة على المدى البعيد والاحتياطات النقدية المبالغ في تقديرها يعني أن السعودية تحتاج إلى أن تكون مستعدة للتعايش مع وضع تقل فيه المداخيل النفطية. بينما يرى آخرون أن السعوديين سيكونون قادرين دائما على إنتاج النفط بأسعار مخفضة مقارنة بالآخرين. وكلما رغب الغرب في شراء النفط، فإن السعودية ستكون من بين الدول التي تمده بهذه المادة النفيسة. لكن الخطر الحقيقي الوحيد الذي يواجه الإيرادات السعودية بسبب ذلك هو التقدم التكنولوجي الذي يمكن أن يأتي ببديل عن النفط والغاز، وكما قال وزير النفط السعودي في السبيعينيات من القرن الماضي، الشيخ عبده يماني، فإن "العصر الحجري لم ينته بسبب نقص الحجر، وعهد النفط سينتهي قبل وقت طويل من نضوب النفط.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه