2015-10-10 

تقرير: الحكم العسكري يعكس الوجه الآخر من المثقف المصري

من القاهرة، مختار أبو مسلم

لعوامل تاريخية كثيرة كان للمثقفين المصريين مكانة خاصة لدى جمهور العالم العربي، وكان لذلك أثره في نظرة الغرب للمثقف المصري، خاصة وأنه كان يمارس قدر ما من التنوير واحيانا القيادة السياسية في التاريخ الحديث. بآخر عشرة سنوات من حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك كان لكثير من المثقفين المصريين دور كبير في رفع سقف الحريات، على الأخص حرية التعبير، ومن ثم توجيه النقد وقيادة الاحتجاجات ضد مشروع مبارك ونجله السياسي والاقتصادي. لكن هناك قدرا من خيبة الأمل بصدد موقف المثقفين من الوضع الراهن، أو هكذا تظن الباحثة الألمانية مارشا لينكس كويلي، التي اعتبرت أن هناك حالة من الصدمة والفزع عن تخلي الكتاب المصريين عن المطالبة بالديمقراطية في ظل دعمهم للحكم العسكري. وأبرزت الباحثة في تقرير لها نشره موقع قنطرة الألماني المعني بالحوار مع العالم العربي والإسلامة موقف الأديب العالمي الدكتور علاء الأسواني صاحب المقولة الشهيرة "الديمقراطية هي الحل"، والذي تحول من وجهة نظرها من دعم الديمقراطية في مصر منذ الثلاثين من يونيو عام 2013، إذ كان الأسواني وقتها قد أيد عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي واستبداله بحكم عسكري. وقال التقرير الذي كان ضمن مجموعة تقارير نشره الموقع في ملف خاص عن الاوضاع الراهنة في مصر، إنه (علاء الأسواني) ليس وحيداً بين الكتّاب والمؤلفين المصريين، الذي عبر الكثير منهم عن دعمهم للحاكم العسكري الحالي، عبد الفتاح السيسي، رغم بطء التحرك نحو انتخابات برلمانية والقمع المستمر على حرية التجمهر وحرية الرأي. أما الكاتب المسرحي علي سالم، الحائز على جائزة الشجاعة المدنية البريطانية، والتي تبلغ قيمتها 50 ألف دولار، عام 2008 لعلاقته مع إسرائيل، فقد طالب بقتل المعارضين للحكومة خارج إطار القانون، وذلك في عمود صحفي كتبه شهر مايو 2014 بصحيفة "المصري اليوم". كما أن الكاتب المصري المعروف جمال الغيطاني، مؤلف رواية "الزيني بركات" الشهيرة، مدح قوة الدولة الحالية وكتب أنها انتصرت على الإخوان المسلمين بفضل الجيش. وفي العام الماضي 2014، تم افتتاح صفحة على موقع "تمبلر" بعنوان "sisimocracy" كي تكون بمثابة "جدار خزي لكل المثقفين الموالين للطاغية". ورغم ذلك، فقد حافظ عدد من الكتّاب على نقدهم لحاكم مصر الجديد، مثل الكاتب الساخر بلال فضل، الذي ترك عمله في صحيفة "الشروق" بعد أن حظرت مقالاً له عن السيسي. أما الكاتبة البريطانية المصرية أهداف سويف، فما تزال مستمرة في الاحتجاجات، ومعها آخرون. إن دعم صنع الله إبراهيم للسيسي قاد إلى إعادة قراءة لكافة رواياته. وفي الحدث الذي جرى بنيويورك، حاول كل من كريسويل والمؤرخ خالد فهمي والباحثة المستقلة منى الغباشي شرح سبب عدم انتقاد الكتّاب والمؤلفين، ومن بينهم إبراهيم، السيسي بقوة. لقد جادل كريسويل بأن الكثير من الاتجاه إلى مساندة السيسي ينبع من "خوف حقيقي"، ذلك أن المكان الذي شهد أكبر تجمع لمناصري الإخوان المسلمين إبان حكم مرسي كان أمام وزارة الثقافة، وهو أمر اعتبره الكثير من الكتّاب والمثقفين تهديداً مباشراً لهم. أما فهمي، فقد أشار إلى أن انهيار سوريا والعراق عزز من هذه المخاوف أيضاً، وهو مبرر في بعض الحالات. لكن الخوف، بحسب قوله، لا يعني قتل أنصار الإخوان المسلمين بحصانة كاملة أو دعم جرائم القتل هذه. وأضاف فهمي: "هذه هي التهمة الحقيقية التي أوجهها للمثقفين المصريين". ويقول الكاتب المصري يوسف رخا في حوار بعد اللقاء: "أنا لست متأكداً من أن السؤال هو حول فشل المثقفين في انتقاد السيسي. السؤال هو في كيف وصل المجتمع والثقافة إلى وضع لا بديل فيه عن السيسي سوى إيران سنية!" وأضاف رخا، الذي شدد على أنه معارض للسيسي، أنه لا يتفق مع وصف اللقاء في نيويورك بأنه "قمعي"، معتبراً أنه وبدلاً عن التظاهر العام ضد الرئيس، فهو مهتم أكثر بالأعمال التخريبية الفردية. وحول ذلك يتابع بالقول: "إذا أنفق عُشر الطاقة ... على اللادينية والثورة الجنسية، ربما كنت سأتفهم ذلك". وفي ذات الوقت، يصف كافة الكتّاب عالماً يصعب فيه مناقشة هذه القضايا عبر خطوط الانتماء، لأن الأصوات تعلو بسرعة، والنقاشات على موقع "فيسبوك" تتحول بسرعة إلى اختلافات حادة في الرأي. ولكن فهمي لا يزال يأمل بأن يعيد بعض الكتّاب المصريين النظر في دعمهم للسيسي، مضيفاً: "من المهم أن يبقى الباب مفتوحاً، لأن مصر الآن مقسمة بشكل كبير للغاية".

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه