2020-12-12 

استراحة قسرية​

رندا الشيخ

 قبل أسابيع ليست بالقليلة قررت أخذ استراحة من الكتابة. لم يعلم أحد بقراري هذا.. حتى أنا!


كان الأمر تلقائيا بشكل ظريف ودون وعي مني، فقد شعرت بالحاجة للإبتعاد.. للسكون.. للصمت وسط كمٍّ من الفوضى غير المبررة لعقلي، فوضى الحياة بالمجمل. هذا الإبتعاد جعلني أتذوق طعما مغرياً للامبالاة لم يسبق لي أن اختبرته، خاصة وأني أبالي كثيرا، بل كثيرا جدا في بعض الأحيان. وعلى الرغم من أن للكتابة صوتاً متمرداً ظلّ يعلو صداه بداخلي، إلا أن تلك الحاجة ظلت تمارس إلحاحها حتى نجحت دون مقاومة.


لطالما آمنت بفكرة أننا يجب أن نبتعد عمن نحب بين حينٍ وآخر، بأن نقاوم رغبتنا في الإلتصاق الدافىء به، ونضع عِصابة على أعيننا كي لانراه إن صادفناه. فما سنجنيه يتجاوز الشوق المتبادل! صحيحٌ أن شوقنا سيزيد من وهج حبنا، لكن ابتعادنا سيسمح للعزلة أن تتحدث إلينا..عنّا، وسنسمع صوت ذواتنا بشكل أوضح ونقترب من فهمها أكثر. وبعد أن كانت مجرد فكرة أؤمن بها.. جاءت الإستراحة لتؤكد أن الإبتعاد المؤقت وسيلة ناجعة لإدراك ما يمثله الشيء أو الشخص من قيمة وأهمية حقيقية بالنسبة إلينا، ولنكتشف مدى رغبتنا في الإحتفاظ به أو التخلص منه! ورغم كون الكتابة "ذاتي" المتسائلة والمفكرة والشفافة والقلقة، والتي تنفستُ الصُّعَداء حين هجرتُها قليلاً.. إلا أني لم أطق الإبتعاد عنها أكثر! وعدتُ لأكتب من جديد.

 

عدت لأكتب لأني أريد أن أمارس إنسانيتي وليس لأنه يجب عليّ أن أفعل، أمسكت بالقلم لأن صوتي الداخلي يقول بأن قلمي هو سلاحي الأقوى لنثر الأمل ومحاربة أي سواد يشوب الإنسانية والعالم.

لكن فترة الإستراحة القسرية عززت قناعتي أيضاً بأهمية ألا نزدري خلوة مع أنفسنا ننصت فيها لأرواحنا كلما سنحت الفرصة، فهناك دوماً ما يجب أن نفهمه أو نغرسه أو نعالجه أو ننتزعه. فأن نفوز بذواتنا ونحبها ونستشعر السلام ونكون هوياتنا الروحية ونحافظ على علاقة صحية بها هو الأهم! وفي سبيل ذلك إن تطلب الأمر يصبح كل شي قابل للإيقاف وللتخلي.  

 

إذاً عزيزي القارىء.. ترى وأنت تقرأ.. هل فكرت في أخذ استراحة قسرية؟ أخبرني إن فعلت.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه