2020-05-12 

أبناؤنا أصدقاؤنا

حنان الحمد

@hananalhamad73

 
ذُكر البنون في القرآن الكريم زينة الحياة الدنيا بعد المال، وترى الثقافات على اختلافها أن الأبناء من أنواع الرزق الجميل لما يمنحوه لوالديهم من اشباع لعواطف الأبوة الغريزية وهم عزوة وعون ودفء، وقد أُنشئِت منظمات دولية هدفها الحفاظ على حقوق - هذه النعمة - الطفل ووُضعت الأنظمة والقوانين التي تكفل تربيته في أسرة متوازنة ومقتدرة ماديا وسليمة صحيا ونفسيا لضمان نشأة سوية نفسيا وبدنيا للطفل.

أن تكون أما أو أبا فهذا يتطلب مهارات وأسس تربوية تتوافر لدى الشخص، كذلك يحتاج استعدادا عاطفيا ونفسيا وعقليا واقتصاديا لديه، ولقد تنوعت أولويات تلك الأسس من ثقافة لأخرى ولكنها التقت على ضرورة بناء علاقة سليمة بين الآباء والأبناء - ذكورا وإناثا - علاقة تقوم على قيم الحب والثقة والاحترام.

على مر العصور كانت معضلة الآباء و الأبناء أن كل طرف يعيش منفصلا عن الآخر ويشعر أن خندقا عميقا يباعد بينهم، لايستطيع أي طرف منهم أن يقفزه دون مخاوف السقوط فيه فيفقد الآخر للأبد، رغم أن هذا الخندق يمكن أن يُردم من خلال بناء علاقة صداقة وطيدة بين الطرفين - صداقة من نوع آخر تخلوا من سيطرة الحب أو خيانة الثقة أو تعدي خطوط الاحترام الحمراء - وهذا يتطلب تحييد السلطات الأبوية والخوف المبالغ فيه أو الإهمال المفرط.

بطبيعة الحال الكلام سهل حتى تصطدم تلك القيم بواقع الحياة، فقد يهتز الحب عندما يجابه الأبناء قرارات الآباء المتعلقة بأمورهم المصيرية نيابة عنهم كالتخصص الدراسي أو نوعية الأصدقاء أو طريقة الحياة و ما يؤمنون به أنه الصح، الكلام سهل حتى يخبر الأبناء أباءهم عن علاقاتهم العاطفية أو الأخطاء التي ارتكبوها وتتنافى مع قيم الأسرة والمجتمع أو القانون فتهتز الثقة، الكلام سهل حتى يبدأ الأبناء بالتجاوز على الآباء وتعدي خطوط الاحترام الحمراء بدعوى المزاح والطقطقة أو التصوير والشهرة فيصبح الآباء موضع نكتة للأبناء أمام القاصي والداني!

‏وحتى يُجنب الآباء الأبناء طريق العقوق ويصبح الكلام واقعا، على الآباء بناء علاقة سليمة مع أبنائهم يكون فيها "لا تسامح" -  فلا يمكن أن يتسامحوا عندما يجعلهم أبناؤهم محل "طقطقة" وضحك على تصرفاتهم أمام الآباء أنفسهم أو أمام أصدقائهم  أو حتى بينهم وبين انفسهم، لا تسامح في مناقشة الأبناء تصرفات الآباء من موقع المسيطر ولا أن يعيدوا أويطبقوا عليهم ما وجههم به آباؤهم - كونوا أصدقاءهم لكن دون محو الخطوط الحمراء.

يحضرني حديث سيدة هندية تعيش في دولة ما عندما قالت أن بعض الأسر التي تنحدر من أصول بعينها سيئة ومفككة، وعند سؤالها عن السبب قالت أن أبناءهم يعاملوهم بتجاوز وسوء أدب بحجة الحرية والتعامل معهم كأصدقاء! نعم حكمها جاء بسبب اختلاف القيم وطرق التربية ولكن قد يتفق معها الجميع أن التسامح مع تجاوز الخطوط الحمراء قد يؤدي إلى أسر مفككة، وفي منظور الدين الإسلامي الحنيف قد يجعلنا نربي من حيث قصدنا أم لم نقصد أبناء عاقين وأباء سيئين مستقبلا.

ختاما فالحديث يشمل الأباء والأمهات والبنات والبنين دون تمييز، بروا أباءكم تبركم أبناؤكم و كما تزرعوا تحصدون.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه