2020-03-06 

المحبة الأزلية للموارد البشرية

حنان الحمد

 

أول ما تبادر إلى ذهني عند قراءتي لخبر دمج وزارة الخدمة المدنية مع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لتصبح وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية هو الفروق السبعة بين موظف القطاع الخاص وموظف القطاع الحكومي وأقسام الموارد البشرية في كل منهما وعلاقة تلك الأقسام بموظفي القطاعين و"فزاعة القائمة السوداء Black List".

 

 

لعل بعض الإرهاصات لهذه الفروق بدأت تظهر عندما توجه القطاع الحكومي منذ سنوات لاستقطاب "الكفاءات" من القطاع الخاص للعمل فيها، حيث كان من الملاحظ الفوقية التي يتعامل بها بعض من تم استقطابهم مع الموظف الحكومي، هذا عدا عن الطبقية التي يشعر بها الموظف الحكومي نظرا لاختلاف نوعية وقيمة العقود الخاصة "بالكفاءات" تحت بند "التوظيف الخارجي Out source" مما جعل بعض الموظفين الحكوميين يقللون من قدرات بعض تلك الكفاءات وآلية استقطابها، كل هذا أدى إلى صراعات في العمل إما ظاهرة أو خفية مما أدى إلى تكون لوبيات مصلحة متناحرة في بعض القطاعات، وأحد أسبابها انصراف جل اهتمام بعض المستقطبين إلى كيفية المحافظة  على عقودهم وتجديدها مما يؤثر سلبا على العمل.

 

عند العودة إلى أقسام الموارد البشرية، يا ترى ماهو نموذج الموارد البشرية الذي سيتم تعميمه بعد الدمج؟ علما أن عقلية قسم الموارد البشرية تختلف اختلافا كليا في القطاع الحكومي عنها في القطاع الخاص، حيث أن منطلقات الموارد البشرية في بعض منظمات القطاع الخاص في العالم العربي تقوم على العقاب وليس التدريب والتأهيل، والتسلط بدلا من التفهم والتعلم، سلاحهم في هذا التهديد الصريح، المعلن وغير المعلن والمكتوب وغير المكتوب، وهو العقاب بإنهاء العقد أو الحسم من الراتب وفق تنظيمات داخلية مجحفة تلتف على نظام العمل والعمال، هذا عدا عن الاتفاق الصامت بين بعض المنظمات،"القائمة السوداء Black List"، على عدم توظيف أي شخص تحدث أو انتقد أو لمح عن منظمته حتى بينه وبين نفسه، وإن فعل فالويل والثبور له.

 

 

هنا لابد من التنويه لما تقوم به هيئة حقوق الإنسان في السعودية من توعية في هذا الشأن فهو جهد تشكر عليه قد يوقظ المتسلطين من غفلتهم، عسى أن يرأفوا بحال الموظف المسكين قبل أن يتهور ويطالب في حقه ويرفع قضية على من ظلمه لأنه سوف يصدم بطول فترة الإجراءات.

 

 

لنتأمل وضع هذا القسم في القطاع الحكومي سنجد أنه قسم هاديء في حاله، ينفذ لوائح الخدمة المدنية ويطبق التعاميم ولا يملك من أدوات الثواب والعقاب شيئا، بل على العكس في كثير من الأحيان قد ينصف الموظف من تسلط بعض المدراء.

 

 

ألا والحال هذه أتساءل أي النموذجين سوف يعمم؟ هل ستُطلَق يد عقلية الموارد البشرية في بعض منظمات القطاع الخاص لتكمل مسيرتها العقابية الخالية من الثواب والرقابية الخالية من الثقة ودورها في التحكم في تحديد احتياجات المنظمة واختيار الموظفين بطريقة استبدادية تحتاج إلى تعديل، أم سيُطَبق النظام الرعوي الأبوي الذي يفرز أمان وظيفي سلبي عانت منه الدولة واستنزف وقتها في مسيرتها التنموية.

 

 

تلك الصراعات الصامتة في القطاعات المختلطة الكفاءات تجعلني أتخيل مقاومة للتغيير يؤدي إلى انتاجية ضعيفة تعطل عجلة رؤية 2030، وما لم يتم خلق نموذج موارد بشرية يتبنى نموذج التعلم والنمو والابتكار ويتخلص من نظرية البقاء للأصلح وفق معايير إدارة موارد بشرية قد يديرها من لايصلح، نموذج موارد بشرية قادر على توظيف خبرات السنوات الطويلة في المنظمة و تشجيع وإرشاد الدماء الشابة!

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه