2015-10-10 

الرجم بالطائفة

عبدالله الجنيد

تكمن خطورة الطائفية السياسية في قبحها المستتر بدعاوى تنسب للشريعة السماوية السمحاء و هي براء منها ، و الطائفية السياسية ليست طفرة اجتماعية طارئة من نتاجات الربيع العربي ، بل هي منا و فينا لأننا تسامحنا معها طويلا تحت ذرائع عده حتى بتنا نتحسسها في الزفير منذ الغزو الامريكي للعراق في 2003 . و الان مهما اجتهدنا في احتوائها كثقافة في بُعدها الاجتماعي فسوف يخرج علينا دعاة فضيلة " الطائفة " على الاخرى لحد الاجتراح من التاريخ بما يكفي للنفخ في نزقها القبيح . ففي أيامنا هذة ما ان تطرق احد أبواب الشأن العام الا و أطلت الطائفية من بين ثنايا النقاش من الزواج الى السياسة حتى الرياضة ، لانها تمكنت من طمس جزء غير يسير من شخصيتنا الوطنية و الانسانية . هذة الظاهرة تمثل تهديدا مباشر لأمننا الاجتماعي بعد بلوغ تقبل مشاهد التنكيل الهمجي البشع من ساحات القتال لكون ضحاياها من ينتمون لطائفة اخرى ، بل الأقبح الترويج لها عبر وسائط الاتصال الاجتماعي الحديثة حتى باتت تصل اطفالنا . اين الوطن فينا و الشركاء فيه مشاعاً يقتسم كالغنائم بين شيوخ الطوائف و مشاريع الكراهية ، ما هو شكل الوطن و اطفالنا يقتاتون على الكراهية و الدم . او كيف لنا ان نأتي بعد ذلك ان لنطالب معلميهم في المدارس بتعليمهم مادة التربية الوطنية . حينما يصمت القانون و المجتمع عن من يستبدل الوطن في وجدان اطفالنا بالطائفة فجميعنا شريك في هذة الجريمة ، و لكل من يدعي خصوصية طائفة ، نقول له لا خصوصية تعلو على خصوصية الوطن مهما بلغ شأن تلك الطوائف . فأن انشغلت دولنا بامور هي مقدمه بحكم الضرورة في التصدي لهذا التهديد فلا يعفيها ذلك من إسناد الامر لمؤسسات مدنية و اجتماعية في مواجهة هذا التهديد و لاستئصال حواضن تلك الثقافة عبر اليات منتمية لقيمنا ، و تعزز روح التسامح الوطني . و في الجانب الاخر على المؤسسة القانونية عدم التخلف في دعم ذلك الجهد بتفعيل القوانين المعاقبة على نشر الكراهية على أساس طائفي او عرقي او فكري . و فضاءات الاتصال الاجتماعي الحديثة يجب ان يكون لها حضور في ذلك الجهد ، فان كانت عاصفة الحزم اعادت لنا العزة من خلال فعلها ، فيتوجب علينا ان نطلق عاصفة الانتماء للوطن عبر اسقاط كل المفردات الطائفية التي لن تخدم الا اعدائنا . سابقا ساهمت الأندية الرياضية خليجيا في حملات للتوعية من مخاطر آفة المخدرات و أخطارها على مجتمعاتنا ، و كان للأندية كمؤسسات مجتمعية ادوار متقدمة في التثقيف و التوعية ، بل حتى في برامج محو الأمية . و اليوم كم نحن احوج لاستنهاض دورها المجتمعي عبر الرياضة كمدخل لمجابهة هذا التهديد لأمننا و سلامة نمو مجتمعاتنا و سلامة اطفالنا و شبابنا . من مفارقات التعاطي الطائفي السمج لبعض مستخدمي وسائط الاتصال الاجتماعي من الازمة اليمنية عبر تويتر منذ انطلاق عملية الحزم حيث راقبت عبر مروري بالحساب الشخصي للصحفية سُكينة المشيخص ، و انا هنا أتطرق لحساب الاستاذة سُكينة "كاستدلال لا اكثر " . فبعد نشرها لمقال تطرقت فيه لعاصفة الحزم بفخر ، جاء البعض يستنكر عليها موقفها و متهما أيها بممارسة " التقية " ، فيما يتهمها اخرون " بخيانة الطائفة !! او بالتطبيل و الاتجار بقلمها " . و لو كانت سُكينة من اهل المريخ لصنفت طائفيا حسب موقفها من عاصفة الحزم . و هذة لست حالة خاصة بل عامة للاسف تعكس حجم تأصَّل التجاذب و الاستقطاب الطائفي لحد التطاول على مواطنتنا الاعتبارية و الانسانية و كاننا للتو قد خرجنا من سقيفة بني ساعدة لنبدأ من جديد في دفن من اُغتيل من صحابة رسول الله عليهم أفضل الصلاة و السلام . السمة الطائفية باتت من القبح حتى طغت على كل سمات تعريفنا لدى شعوب العالم ، بل ان مداخل الحوار تقتضي الاستدلال على طائفتك من خلال موقفك السياسي من احد ملفاتنا الساخنة لتحديد مسار الحديث ، يقول المهاتما غاندي " العين بالعين يجعل من عالمنا اعمى " ، من اجل مستقبل و سعادة اطفالنا لنتوقف قبل فوات الاوان لان مشروع استهدافنا و هويتنا العربية لم ينتهي بعد .

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه