غرد شاب سعودي قبل يومين قائلا: "ترددت كثيراً قبل ان اشارك هذي التغريدة التي كتبت في عام 2012. التجارب والتعليم تغيرنا للافضل. بسبب تجربة الابتعاث تغيرت كثيراً. شكراً لكل من كان سبب في صناعة شخص افضل اليوم شخص يحترم الاخر ويتعايش معه شخص هدفه السلام و الاحترام. لذلك بكيت شكراً لله عز وجل ثم حكومة المملكة". أرفق الشاب صورة للتغريدة التي تردد قبل أن يغرد بها، ووصفها لدى حديثه مع "الرياض بوست" بالقول "كانت متطرفة".
أخذت التغريدة التي جرى وصفها بأنها مصالحة مع الذات صدى متوسطا بمائتين ونيف من إعادة التغريد، وعشرات الردود، ومنها قول مغرد "اهنئك على مقدرتك انتقاد نفسك والاعتراف بأنك صرت شخص مختلف كلنا نمر بتجارب غريبة لمن نصحي منها نقول معقول انا كنت الشخص ذاك". (لم تحرر التغريدات حرصا على الدقة في النقل).
نايف الحربي شاب سعودي حاصل على البكالوريوس في علم الجريمة بجامعة ولاية أريزونا الأميركية، وحاصل أيضا على الماجستير في مكافحة الإرهاب والجرائم المنظمة بجامعة UCL اللندنية.
ويعزو الحربي سبب تغريدته إلى أن "البعض في هذه الفترة قد يخشى من فكرة سيئة كان يُؤْمِن بها أو تجربة معينة مر بها، حاولت أن أكون شجاعا بمشاركة التغريدة الي كانت تعكس شخصا مغايرا عن ما أنا عليه اليوم. في الوقت نفسه لدي ما يربو على 60 ألف تغريدة في حسابي على "تويتر" تعكس تجاربي وأفكاري في آخر 7 اعوام.
«التجارب والتعليم تغيرنا للأفضل»، بهذا يتحدث نايف عن التغيير الذي وصفه بـ«الكبير»؛ ولم يكن يعتقد أن فكرة الابتعاث والتعلّم ستكون سبباً في تغيير الكثير من المفاهيم الخاطئة حياتياً.
وأضاف الحربي أنه اعتذر عن تلك التغريدة بعد نحو عام من نشرها، بينما كان ضمن الطلاب السعوديين المبتعثين للدراسة في الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن البعثة تسببت في تغيير الكثير من المفاهيم لديه، وبات يمتلك أكثر من 60 ألف تغريدة في حسابه تعكس أفكاره وتجاربه خلال آخر سبع سنوات.
ومنذ العام 2014، انخرط الشاب السعودي الذي نشأ في المدينة المنورة في العمل بمجال الحوار بين أتباع الاديان والثقافات، ويقول: لقد عملت في الكثير من المنظمات والمراكز العالمية أيضا، واليوم أعمل في جمعية سعوديون للسلام لصناعة مجتمعات مسالمة ومتقاربة عن طريق الحوار، متابعا: سأعمل على ذلك طيلة ما تبقى من حياتي.
وفي رسالة جواب بعث بها عبد المنعم المشوح رئيس مركز السكينة التابع لوزارة الشؤون الإسلامية والإرشاد السعودية على طلب "الرياض بوست" بالتعليق على هذه القصة، قال رئيس المركز الذي يحمل خبرة واسعة في مجال الحوار مع أصحاب أفكار أكثر دموية وتطرفا بالقول: "يتغذّى التطرّف ونزعات العُنصريّة والإرهاب على مُحفّزات ذاتيّة وأُخرى مُحيطة، من أبرزها : الجهل، والعُزلة، ومحدوديّة التجارب، والتحريض المُتكرر، فكُلّما تخلّص الفرد من هذه الآفات كُلّما اتسعت لديه دوائر الرفض للإيذاء سواء للآخرين أو حتى لنفسه ومُجتمعه، وكلّما أصبح مَرِناً في تقبّل الآراء المُختلِفة، وأكثر انضباطاً فيما يحفظ النظام ويُحافظ على سلامة نفسه والآخرين ومجتمعه ومُكتسباته، فالمُرتكَز الأساس هو " الوعي " المبني على أصول تضبط الإيقاع النفسي والسلوكي والعقلي؛ لذلك نجد أن المُتطرّف يُعاني من حالات شتات وارتباك وعدم انتظام في المواقف وردّات الأفعال، وهذا لا يعني المثاليّة الكاملة لدى الإنسان السويّ لكن تظلّ لديه حواجز، ومناطق في الخطأ لا يصلها لأنها تتعدّى مسألة الخطأ العابر".
أضاف المشوح: "حالة المُراجعة أو التراجع، هي نقطة تحوّل، لا أستطيع وصفها بحالة نضج، لكنها في الطريق إلى التصحيح، حتى يصل إليها الفرد لابد أن تتوفر لديه مجموعة من المُكوّنات المعرفيّة والعقلية والنفسيّة، يكتشف حينها أنه لابد أن يتغيّر، فالدخول مثلاً في مجالات التعليم والتجربة والحصول على إنجازات وممارسة الحياة بشكل طبيعي والاختلاط بنوعيات مختلفة من البشر، يدفع الإنسان إلى الحالة الطبيعيّة والتخلّص من الحالة الشاذّة المُتطرّفة، فالأصل في التكوين البشري أنه معتدل السلوك، ونزعات التطرّف هي حالات طارئة تكوّنت لمسببات كثيرة، تحتاج نقطة التحوّل والتغيّر السليم ومرحلة التصحيح إلى شجاعة وقوّة إدارة، كما يتطلب ذلك وجود بيئة محيطة تشجّع على الاعتدال وتتناغم فيها حاجات الفرد الدينية والاجتماعية والنفسيّة، وهذه المُكوّنات قد لا توجد بصورتها المثاليّة، لكن بمجموعها تُكوّن بيئة ناقِلة لن أراد الانخراط في حياة سليمة وصحيحة؛ وهذا المشهد هو ما يعيشه شباب المملكة العربية السعوديّة سواء في الداخل أو الخارج، حيث تتراجع نِسَب نزعات التطرّف وتتلاشى مظاهره؛ نظراً للبيئات والفُرص الصحيّة التي أصبحت تحيط بالشباب".