2019-11-28 

الأميرة حصة بنت سلمان : والدي معلمي وإخواني نوافذي على العالم

من الرياض غانم المطيري

كشفت صاحبة السمو الملكي الأميرة حصة بنت سلمان بن عبدالعزيز ال سعود، عمق تعلقها بوالدها وإخوانها ودورهم البارز في أهم محطات حياتها.

* بداية حدثينا عن أخت الرياض أما زال هناك وجه شبه بينكما؟- أذكر عندما كنت طالبة في المرحلة الثانوية كتبت بيتين وأسميتهما (أخت الرياض)وقد كتبت هذين البيتين لأن كثيراً من السيدات دائماً يتحدثن عني أو إلي بأسلوب يحمل شيئاً من الحزن والشفقة لأنني وحيدة وليس لي أخوات بينما هناك أخريات يؤكدن أنني البنت المدللة بطريقة سلبية وذلك لنفس السبب لأنه ليس لدي أخوات  فالبعض يحكمون علي حتى قبل أن يعرفونني، هذا الأمر كان يزعجني حقيقة وكنت أعتبره ظلماً كبيراً بحقي فجاءت هذه الأبيات تعبيراً عن إحساسي وإنني لم أشعر يوماً أنني وحيدة،  وفي الحقيقةً أن اهتمام الوالد بالوطن يأتي قبلنا وقبل ابنته الوحيدة وأولاده جميعاً لذلك اعتبرت الرياض هي أختي، وكان والدي سعيداً جداً بهذه الابيات وبهذه المشاعر..

* هل كنتِ تغارين من اهتمام والدك حفظه الله بالرياض بما إنها تشاطرك ذات الحب والاهتمام؟

- في الحقيقة كان الوالد لي في فترة من الفترات أباً وأماً في نفس الوقت وهذا شيء لا يعرفه الكثير من الناس، فوالدتي كانت مريضة منذُ أن كان عمري 7 سنوات وكانت تسافر بين فترة وأخرى للعلاج ويبقي والدي الى جانبي يهتم بكافة شؤوني ويتابع دراستي وكان يرفض أن أستعين في دراستي بمدرسين خصوصيين رغم انني أحيانا اضطر لذلك بسبب مرض الوالدة واحتياجها لجلسات علاجية طويلة في غسيل الكلى لمدة سنتين وبعد معاناة مع المرض تمكنت من زراعة الكلى ثم عاودها المرض وأنا في التاسعة عشر من عمري ورغم كل تلك المعاناة كان والدي يرفض فكرة ان أدرس «منازل» ويصر على تواجدي في المدرسة والجامعة وكان يوليني جل اهتمامه رغم مشاغله ومسؤولياته المتعددة.. كان يتحمل مسؤولية تربيتي مسؤولية كاملة في غياب والدتي لذلك لم أشعر بالغيرة حقيقة من الرياض لأنه كان يمنحني حبه واهتمامه وكان يأخذني معه في سن صغيرة الى مكتبه وأرافقه في بعض اجتماعاته الرسمية مما أعطاني دعما معنويا وثقة كبيرة بالنفس. لكن لابد من القول انني كنت مدللة كثيرا من قبل أعمامي (وخاصة الملك فهد والأمير نايف رحمهما الله) الذين كانوا بمثابة الآباء. كما أن مرض والدتي في وقت مبكر من حياتي جعلني أعيش حالة توازن وأبني شخصيتي والاعتماد على نفسي كما أنه جعلني اشعر كم هي الدنيا صغيرة لا تساوي شيئاً فلماذا يغتر الإنسان بنفسه أو يصاب بالكبر والغرور..

*خادم الحرمين عرف عنه احترامه لعمله وتفانيه فيه كيف كان يجد وقتاً كافياً لأسرته رغم تعدد مسئولياته؟

- والدي شخص منظم جدا كان يخرج الى عمله في امارة الرياض الساعة السابعة الا ربع حتى لو كان متعبا أو متوعكا، فهو لا  يتأخر عن عمله وكان يحرص على ان نتناول طعام الإفطار معه قبل ذهابنا للمدارس ثم نلتقي به مرة أخرى وقت الغداء بحدود الساعه الثانية والنصف ظهرا وبعد ذلك ينام قليلاً ثم يذهب للقاء من جاء الى مجلسه حيث يمتلئ  بالرجال وبعد انصرافهم يكون هناك جلسة عائلية بسيطة وقبل ان يذهب للنوم يصلي ويقرأ شيئا من القرآن..

* حصة تلك الطفلة الصغيرة حدثينا عن أحلامها وطموحاتها وماذا تحقق منها حتى الان؟


- الحمد لله تحقق الكثير فقد كان لي مشاركات كثيرة في جمعيات الرياض والمملكة فانا مشاركة وداعمة و ربما اخذتني ارتباطاتي مع الوالدة رحمها الله في اوقات وفاة الاخوان ثم مرضها في الأخير فقد استمر مرضها رحمها الله طوال عمري تقريبا فكانت تتعافى في أوقات ويعاودها المرض مرات أخرى وتداهمها الأمراض والأوجاع وهي صابرة محتسبة خصوصاً بعد فقدان الاخوان فكنت منشغلة معها طيلة الوقت ، طموحي كان أن أحصل على درجة ماجستير آخر من جامعة soas لانني كنت ارغب أن أتخصص في القانون فتحقق منها «دبل ماسترز» ولله الحمد ..انا الان في فترة العطاء لأننا في السنوات الماضية انشغلنا في الحرب وحالياً ان شاء الله نعمل على رسم الخطط لتحقيق اهدافنا.

في الوقت الحالي نعمل على انشاء مؤسسة إنسانية خيرية لدعم الجمعيات ونحن الان بصدد انشاء هوية الجمعية ودورها» وتم الحصول على  تصريح باسم الجمعية ولله الحمد.

 * لسموك اهتمامات ثقافية مبكرة وقد سبق أن نشرت احدى قصائدك في احدى المجلات ..لماذا توقفت عن النشر؟

- انا لست بشاعرة، أتمنى لو كنت كذلك،أنا محبة للغة العربية والأدب ودرست الأدب الإنجليزي في البكالوريوس وبطبيعة الحال فالنظام الجامعي عندنا يستوجب على دارس أدب لغة اخرى أن يدرس الأدب العربي. وانا عاشقة للغة العربية وأستمتع بالمجالس الأدبية» ولدي مجلس ثقافي شهري تحضره كثير من المهتمات بالأدب والثقافة .. انا أحب الشعر وبالذات الشعر العربي، فمن وقت لوقت قد تجود القريحة ببعض الابيات وربما يكون ذلك ناتجا عن مجالستي للأديبات لكنني للأسف الشديد لست بشاعرة.

* كيف ترين التطورات الحالية في مجتمعنا؟

ما نراه الان من دعم للمرأة فقد لمسته من خلال تعامل والدي المبكر معي فقد أعطاني الثقة وسمح لي أن أسافر وأدرس،فهذا الشيء طبقه على ابنته قبل أن يطبق على الاخرين وكذلك الأمر بالنسبة لقيادة المرأة للسيارة أنا جدا  سعيدة ان أصبح للمرأة حق قيادة حياتها قبل قيادة سيارتها فجاء هذا الأمر مكملاً  لإنجازات اخرى، فمنذُ كنت صغيرة وأنا اسمع والدي حفظه الله يقول (المرأة البدوية والحضرية تقلط الرجال وتركب الخيل والجمل) وكان يستغرب من تأخر هذا القرار لكن أخيراً تحققت واحدة  من امنياته وان شاء الله يكون القادم أجمل وأفضل..

* كونك الأخت الوحيدة لعدد من الأشقاء كيف تشكلت علاقتك مع اشقائك؟ ومن أقربهم اليك؟

- اخوتي دائماً  يسمونني «أخت رجال»كل واحد منهم الجأ اليه في الشيء الذي يختص بمجاله وهذه نعمه كبيرة احمد الله عليها.  في الحقيقة كان اخواني لي بمثابة النوافذ التي أطل منها على عالم الرجال وما يحدث فيه خصوصا في الفترات السابقة قبل انخراط المرأة في مجالات العمل المختلفة وكانوا يشركونني في أحاديثهم المختلفة في السياسة وحتى في اعمالهم وكأنني واحد منهم فاتسعت مداركي وتعددت مصادر ثقافتي وهذا الشيء اكتسبوه من الوالد.. فوالدي عندما يجلس معنا على الغداء ويكون مثلاً قد قرأ كتاباً ما بحكم انه محب للقراءة وفي مجال التاريخ تحديداً كان يقول قرأت كتاب كذا ويجب أن  تقرأونه ويسترسل في الحديث عنه وعن مواضيع أخرى في عمله او حتى في السياسة و كان يلفت نظري شيء مهم كان يفعله الوالد حفظه الله فهو عندما يتحدث إلينا كان ينظر في عيوننا كلنا بنفس القدر الرجال و النساء ولم يكن يركز على جهة الرجال فقط مما يشعر كل شخص بأنه المعني بالحديث.. حقيقة اخواني ساندوني حتى أتمكن من إكمال دراستي ووقفوا معي بحيث يأخذون دورهم في المكوث مع الوالدة في فترات مرضها ولم يلقوا بالحمل علي وحدي كوني انا البنت الوحيدة بل منحوني وقتا للحياة والدراسة أيضا.كل اخواني ساعدوني فعلا حتى اخواني غير الاشقاء كانوا حنونين جدا علي وعلى الوالدة ولم يغيبوا عنها بل كانوا يأتون لزيارتها في المستشفى ويتحدثون اليها وكأنها والدتهم. ولكن الأخت الوحيدة أحيانا تشعر بنفسها كأنها أم لإخوانها حتى الاكبر منها فالأخت أم صغرى بطبيعتها.

*ماذا ورثت الاميرة حصة بنت سلمان عن جدتها الاميرة حصة بنت احمد السديري؟

 وهل هناك خصال مشتركة؟- الحقيقة جدتي توفيت قبل أن أولد بعدة سنوات لكن بما ان الوالدة تعتبر أقرب شخص لجدتي حصة بحكم أن امي كانت يتيمه حيث رحلت أمها وهي في عمر 4 سنوات وهي كما تعرفون بنت خال أبي، فجدتي حصة هي التي ربّت والدتي ولما اقترنت والدتي بوالدي كانت تعتبر جدتي حصة أمها وعماتي أخواتها» صحيح أنني لم أشاهد جدتي لكن أمي أشعرتني بأحاديثها عنها كأنني رأيتها كانت دوما تردد (قالت امك حصة سوت امك حصة) ومن كلامهم عنها تمنيت انني رأيتها، كانت امرأة فاضلة محنكة  وصبورة جداًومن أهم الأشياء التي يتحدثون عنها أن بيتها كان مفتوحا للجميع وكانت تجلس بالساعتين على الغداء تنتظر أولادها والمحارم وأزواج بناتها لتناول الغذاء معها وفي جلسة الغداء يتم تناول الكثير من الأحاديث التي تهم الاسرة والمجتمع ككل وكانت فرصة لقاء للإخوان بشكل يومي وكان الملك فيصل يزورها ويستشيرها في بعض الأمور رغم انها زوجة والده المؤسس رحمه الله ولكنه كان يثق برأيهالكن لا اعرف إذا ما كنت قد ورثت عنها خصال معينة لكنني أحاول ان أقتدي بها خصوصا أن الوالد كثيراً ما يمازحني ويناديني بالوالدة فهو سعيد لأنه سماني حصة فقد كان متعلقا جدا بوالدته وهذا يجعلني أشعر بحجم المسؤولية التي أحملها وأتمنى ان أكون ربع ما كانت عليه جدتي رحمها الله من صفات حميدة ومزايا نادرة، وأحاول ان اقتدي بها فيما درجت عليه في جمعة الاهل خصوصا الاخوان.

ما الأثر الذي تركه رحيل شقيقيك الأميرين فهد وأحمد؟

- فهد كان بمثابة أبي الثاني وهو من علمني ركوب الخيل في سن مبكرة حتى أصبحت عاشقة للخيل لكن بسبب إصابة لحقت بي لم أعد قادرة على ممارسة تلك الهواية رغم عشقي لها ،فهد رحمه الله كان حنونا جدا خصوصا حين يكون الوالد غير متواجد. شهادتي فيه مجروحة بلا شك فقد كان يفيض علي بحنان لازلت أشعر به حتلى اليوم و كان صاحب نكته ووجه بشوش، كان نور البيت وابتسامته، نعم بكل تأكيد تأثرت برحيله واسأل الله أن يكون في دار خير من داره ..وكذلك الحال بالنسبة لأخي أحمد الذي كان من أقرب الاخوان إلي وكان يوليني اهتماما كبيراً وقام بتدريبي على العمل الصحفي والاداري في المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق وكان كثيراً ما يردد على مسامعي من حين لآخر: انت مساعدتي وانت سكرتيرتي وكان يصطحبني معه في الاجتماعات وأنا في سن صغيره وشجعني على اجراء اول حوار صحفي مع سيدة من آل سعود وكان الحوار مع عمتي البندري بنت عبدالعزيز وهي سيدة مثقفة ومؤرخة وقد أعددت محاور الحوار بنفسي وكان البعض غير مقتنعين الا بعد ان اخذت الأسئلة وذهبت الى عمتي لإجراء الحوار ثم اجريت لقاء آخر مع  الاميرة موضي بنت خالد  وقد نشرت هذه الحوارات في مجلتي (هي) (وسيدتي) اسأل الله ان يجمعني بوالدتي وبهم في جنته.

*ماذا عن مبادرة تحديد سن الزواج وكيف بدأت؟

- المبادرة كانت فكرتي والاميرة موضي بنت خالد كانت تعرف مدى اهتمامي بهذا الأمر وقد كلفت الجمعية بجمع المواد العلمية اللازمة لإطلاق المبادرة وبدء الحملة المخصصة لها في الحقيقة أختي موضي بنت خالد اعتبرها من القدوات بعد أمي وجدتي رحمهما الله، فإذا كان والدي هو قدوتي من الرجال فالأميرة موضي هي رمز لقدوة النساء و أتساءل كيف يمكنها أن تقوم بكل هذه الاعمال ولكن لا غرابة في ذلك فهي إنسانة معطاءة بكل ماتعني الكلمةوقد اشتركت معها في أعمال كثيرة من أهمها مبادرة تحديد سن الزواج فقد منحتني الاميرة موضي فرصة عندما كنت عضوة في هيئة حقوق الانسان ان أقوم بحملة من خلال جمعية النهضة الخيرية وذلك بدعم من المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق فقد كان القائمون على المجموعة لا يتوانون عن تقديم الدعم للجهات الخيرية وكان ثمرة تلك المبادرة ان تم تحديد سن الزواج في عهد الملك عبدالله رحمه الله والحمدلله نجحت المبادرة بفضل الله ثم تضافر الجهود من قبل الكتاب والناشطين الاجتماعيين ولم يكن ذلك جهداً فردياً.

*هل تطمحين الى تولي مناصب قيادية اسوه ببعض اخوتك؟

 وأي مجال يشدك اكثر للعمل به؟- في الوقت الحالي أنا  مهتمة بالمؤسسة التي نود تدشينها قريباً بإذن الله (مؤسسة إنسانية) وأشعر ان هذا العمل سيمنحني فرصة اكبر للمشاركة في تقديم ولو جزء بسيط من واجبنا تجاه هذا الوطن العظيم كما ان الوالد حفظه الله يشاركني نفس هذا الشعور  وكذلك الأمير محمد حفظه اللهلا شك ان الفرصة الان مواتية أكثر من اي وقت مضى بعد صدور الكثير من القرارات الداعمة لتمكين المرأة، ولكن كما أسلفت أنا يشغلني الان امر المؤسسة الخيرية في المقام الأول وبعد ذلك لو اتيحت لي الفرصة لتولي اي منصب قيادي فلم لا؟ واسأل الله ان يكتب لي الخير في اي مجال أستطيع ان اخدم من خلاله وطني بالشكل المرضي الذي أسعى اليهكما أتمنى أيضاً الانخراط في المجال الاكاديمي كوني عضو هيئة تدريس في جامعة الملك سعود لكلية القانون والعلوم السياسية ولكنني مقلة بسبب انشغالي بتحضير رسالة الدكتوراه فانا حاصلة على شهادتي ماجستير في تخصصين مختلفين وما زلت أعمل لنيل درجة الدكتورة بإذن الله لكن بعض المسؤوليات الأخرى تجعل خطواتي في هذا الجانب ابطأ نوعاً ما ، أميل كثيراً للعمل في المجال الاكاديمي ولي مشاركات في جامعة الملك سعود وان شاء الله اعود اليها قريباً لتقديم محاضرات لمادة اساسيات حقوق الانسان بعد ان تخففت من بعض الأعباءوالمسؤوليات..

*ونحن نحتفل بالذكرى الخامسة للبيعة المباركة هل من كلمة بهذه المناسبة؟-

 اسأل الله ان يوفق خادم الحرمين الشريفين كملك واب وأن يوفق الأمير محمد بن سلمان فيما أنيط به من مهام جسام وأنا في الحقيقة فخورة به وسعيدة جدا كولي للعهد وكأخ، فقد ضخ روح الشباب في البلد بكل ما تحمله هذه الكلمة من حيوية ويمتلك طاقات جبارة للإنجاز.

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه