2019-08-08 

مواسم #الحج - نموذج النضج الإداري في #السعودية

حنان بنت ياسين الحمد

 

 

  Twitter:@hananalhamad73

لقد منَّ الله على المملكة العربية السعودية بأن تكون الدولة الوحيدة المسؤولة عن إدارة الحج لما يزيد على ٨٧ عاماً، فمنذ توحيدها على يد الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله بشكلها الحديث، وذلك بعد توحيد مناطقها وأقاليمها تحت مسمى المملكة العربية السعودية في ٢١ جمادى الأولى ١٣٥١ هـ الموافق ٢٣ سبتمبر ١٩٣٢م ،  لا تزال المملكة العربية السعودية حتى يومنا هذا تُسخر كل طاقاتها المادية والبشرية لخدمة ضيوف الرحمن القادمين من كل حدب وصوب من مشارب ثقافية وعرقية مختلفة تجمعهم عقيدة دينية واحدة هي الإسلام.

 

بدأت الدولة السعودية الثالثة في إدارة الحج في عهد الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله عام ١٣٤٤هـ بتوفير الحاجات الأساسية للحجاج، ألا وهي الأمن أولا ومن ثم توفير الحاجات الأساسية الأخرى مثل ماء الشرب والخدمات الطبية والوقائية اللازمة للحجيج إلى جانب تهيئة مبنى الحرم المكي ومبنى الحرم المدني وذلك بتحسينهما وعمل ترميمات أساسية وصيانة لهما، واستمر أبناؤه الملك سعود والملك فيصل رحمهما الله بتقديم تلك الخدمات مع تحسينها وتطويرها المستمر والتوسع فيها.

نظرا لارتفاع أعداد الحجاج انتقل الاهتمام بالحرمين الشريفين المكي والمدني إلى مستوى أعلى حيث تقرر توسعتهما لزيادة طاقتهما الاستيعابية وذلك في عهد الملك فهد رحمه الله عام ١٩٨٨مــ، ومع استمرار تحسين خدمات الحج المقدمة من حكومة المملكة قابل ذلك ارتفاع أكبر في أعداد الحجاج، وهذا أدى إلى استمرار رفع مستوى الخدمات المقدمة لهم، حيث بدأت في عهد الملك عبدالله رحمه الله عام ٢٠٠٨م أكبر توسعة للحرم المكي ويكملها الآن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان آل سعود أمده الله بالصحة والعافية و ولي عهده الأمير محمد بن سلمان حفظه الله.

 

مما تقدم يتبين أن إدارة الحج في عهد الدولة السعودية الثالثة تحولت إلى عمل مؤسسي حقيقي، إذ تم إنشاء وزارة الحج عام ١٣٦٥هـ في عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله، والتي رسخت العمل المؤسسي المنظم لتقديم خدمات مبنية على أساس علمي وإجراء أبحاث ودراسات، من خلال إنشاء (وحدة بحثية) عام ١٣٩٥هـ خاصة بدراسات خدمات الحج و الذي أصبح لاحقاً (مركز لأبحاث الحج) في عام 1401 هـ، كجهة استشارية فنية للجنة الحج العليا ولجميع الجهات العاملة في أبحاث الحج،ومع زيادة أعداد الحجاج ومثابرة الحكومة السعودية على تقديم خدمات عالية الجودة، تقرر تسمية المركز في العام 1418هـ (معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج)، ونتيجة لتحقيق هدف الاستدامة في تقديم خدمات ذات جودة عالية من خلال تحقيق رضا المستفيدين من الخدمات ومقدميها، أنشئ (مركز التميز في أبحاث الحج والعمرة) في عام 1428هـ للاهتمام بالبحوث التطبيقية، واستقطاب تقنيات حلول البنى التحتية للنقل والحركة وإدارة الحشود.

 

 

إن إدارة الحج في المملكة العربية السعودية تمثل نموذجاً إدارياً ناضجاً وناجحاً يقوم على أساس (التنظيم – التخطيط – التوجيه – الرقابة)، كما أنه يطبق جوهر إدارة الجودة الشاملة وهي (خطط - افعل - افحص – حسن)، مما ضمن تحقيق الاستدامة في التميز والتحسين المستمر في العمل المؤسسي القائم على توظيف الموارد المالية والبشرية بما يحقق أهداف المؤسسة بفاعلية وكفاءة عالية إذ انتقلت من سد الاحتياجات الأساسية للحجاج إلى تحقيق ما يبهرهم.

 

لذلك استطاع النموذج السعودي لإدارة الحج الوصول إلى التميز والحصول على جوائز تميز محلية وخليجية وإقليمية منها (جائزة الشرق الأوسط للتميز في الحكومةالالكترونية) و (جائزة مكة للتميّز) و (جائزة برنامج (يسّر) للتعاملات الإلكترونية) و (الميدالية الفضية لجائزة الملك عبدالعزيز للجودة) و (جائزة شركة البيانات الدولية (آي دي سي) للمدن الذكية ضمن فرع السياحة الذكية) خلال منافسة على الصعيد الإقليمي. 

 

 

إن هذا النموذج الإداري السعودي الذي يعكس نضجا تنظيميا باهراً لابد أن تتم الاستفادة منه من قبل جميع الوزارات وأرجو أن لا تفوت تلك الفرصة وتحديداً مكاتب تحقيق الرؤية فيها، إذ يمكنها أن تستفيد من هذا النموذج لتحقيق أهداف التحول الوطني ٢٠٢٠ ورؤية ٢٠٣٠ وتوفر أموالاً طائلة قد تُدفع لشركات استشارية قد لا تتفهم طبيعة العمل المؤسسي في المملكة العربية السعودية.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه