رُواء التجربة
إن كنا كأفراد نسعى لتطوير أنفسنا أو مجتمعاتنا والإرتقاء بمستوى معيشتنا والإستمتاع بذلك، فهناك حقيقة غير قابلة للجدل! وهي أننا بحاجة للتعلم والتثقف المستمر، واكتساب أكبر قدر ممكن من الخبرات في وقتٍ قياسيّ! ولكن كيف نفعل ذلك ياترى؟
في الواقع، تتباين الوسائل التي نتعلم من خلالها كبشر، كما أن لكل منا طريقة تؤثر فيه وتناسبه أكثر من غيرها. ولكن، هناك طريقة قد لا يختلف اثنان على فاعليتها وتأثيرها العميق في النفس البشرية.. ألا وهي نقل التجارب الإنسانية.
فالتجربة بحد ذاتها ككلمة أو فعل، لها وقعٌ خاص على النفوس. فهي كفعل، قد تدلّ على الجرأة والإقدام والتّوق والطموح والرغبة في المحاولة، خاصة إن كانت تجربة أولى واستثنائية. أما ككلمة، فهي ترادف الإختبار الغامض الذي يحتمل أكثر من ناتج. عدا عن المتعة التي تغلف مراحل التجربة بسبب الترقب والتكهّن والمتابعة الدقيقة لكل التفاصيل حتى اللحظة الأخيرة. ومن ثم الإحتفال بسعادة حين تثمر عن ما كنا نتطلع لتحقيقه أو الوصول إليه من خلالها، أو الحزن لفشلها والبحث عن الأسباب وراء ذلك للخروج بنتيجة مختلفة!
وحين يتم نقل محصلة تلك التجارب الحياتية أو العلمية أو التنموية لنا دون أن نضطر لأن نعيش مراحلها ونشعر بوخز أشواكها قبل تذوق رحيق نتيجتها الحلو أو المرّ، فسنكتسب جانباً من المعرفة يساهم في اختصارنا لمسافة الطريق الطويل الذي كنا سنسلكه، ويمكننا من امتلاك خيار تغيير أو تطوير الوسائل التي توصلنا للمحطة التي نريدها.. وبأقل التكاليف الممكنة!
لكن رُواءَ التجربة لا يكتمل بحرصنا على التلقي فقط.. بل في اجتهادنا في المنح أيضاً! فلن يتطور الفرد أو المجتمع وتتحقق الفائدة إن احتفظنا بالمعرفة لأنفسنا بخلاً أو أنانية! ولا تعتقد عزيزي القارىء بأن الأمر يقتصر على العظماء أو الناجحين المشهورين! فلكل منا تجربة واحدة في حياته على الأقل تستحق أن تُنقل لغيره، وبالطريقة التي تناسب قدراته! قد تكون كتاباً يؤلفه أو تغريدة يكتبها أو محاضرة يلقيها أو حتى قصة يرويها لأصدقائه.
أختم مقالي بمقولة أعجبتني يقول صاحبها: إملأ حياتك بالتجارب والخبرات وليس بالأشياء! لتصبح لديك قصصاً تُروى.. لا أشياء تُعرَضْ!
