2019-05-10 

عائض القرني و #الصحوة

سعيد بن محمد القاضي

وتبرء الدكتور عايض القرني من الصحوة الذي كان هو أحد نجومها ... والتي لم تكن صحوة إسلامية صحيحه بقدر ما كانت إنغلاق ونظرة أحادية مبنية على تفاسير ضيقة ، وفكر ديني وافد ، وهي تختلف جملة وتفصيلا عن الصحوة الإسلامية الحقيقية التي كان يتحدث عنها  الملك فهد رحمه الله، تلك الصحوة الفطرية التي عمت العالم الإسلامي بعد أن تحررت الدول الإسلامية من قبضة المستعمر ، وأستردت هويتها الإسلامية

 

وكذلك تختلف عن الصحوة الوسطية  في مجتمعنا والتي كانت مرحلة تحول من مجتمع متقوقع على ذاته ، لمجتمع متفتح ولكنه متمسك بأصالته وهويته الدينية بفعل الأرضية الصلبة لمنظومة القيم الدينية والأخلاقية و والإجتماعية التي أسس لها مؤسس هذا الكيان جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله، وهذه هي الصحوة الحقيقية القائمة على الوسطية ، وهي الصحوة التي كان تحدث عنها  الفهد رحمه الله عنها وأشاد بها ، والتي كانت مضادة لمشروع تصدير الثورة الإيرانية التي أتى بها الهالك خميني العام 79 ،  وليست صحوة جماعة الناجون من النار والتكفير والهجره والجهاد التي ولدت من رحم جماعة الإخوان تلك الصحوة الحزبية العفنة  ، والتي نفثت سمومها في بلادنا من خلال المدرسين والأكاديميين المصرييين الذين فتحنا لهم بلدنا وحميناهم من بطش جمال عبدالناصر ذات زمن  ، ومكناهم من التدريس في  المعاهد العلمية التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، وكليات الجامعة نفسها ،، فأنشأوا جيلا ثائرا على الصحوة الوسطية التي كان يعيشها مجتمعنا ومتصالح معهاليظهر جيلا من الوعاظ والقُصّاص متدثرين بعباءة الدعوة ، فتصدر المشهد دعاة جدد متشبعين بالفكر الثوري ، وناقمين على النظام السياسي ، وعلى المؤسسة الدينية التقليدية والتي كانوا يصفون علمائها الأجلاء  بشيوخ السلطان ، وأعلنوا رفضهم للعادات والتقاليد ، و القيم الإجتماعية السائدة في تلك الفتره.... فاستولوا على المنابر ، ونصبوا أنفسهم قيمين على المجتمع ، ودعاة يصولون ويجولون دون رادع للتبشير بمشروعهم الكارثي ،و من أدواتهم المهمة في ذلك الزمن أشرطة الكاسيت الذي إنتشرت إنتشار النار في الهشيم ، ، والكتيبات الصغيرة التي سطروا فيها تفسيراتهم الضيقة المنغلقة للدين مستدلين بآيات وأحاديث لوو أعناقها لإثبات صحة ما يقولون

 

وأيضا إستغلوا كافة المناشط والمهرجانات والإحتفالات لترويض المجتمع وتدجينه وأدلجته ، وتنوعت أساليبهم لتجنيد الناشئة فدخلوا لهم من بوابة الرحلات ، والمخيمات ، وجوالة الجامعات ، والجولات الدعوية في المدن والقرى ، حتى دجنوا المجتمع ، ليظهر جيل متشبع بفكرهم ، وللأسف لا زال بعض محدودي الثقافة والفكر منا حتى الآن متمسك بتلبيساتهم وتنطعمهم رغم تنكر رموزهم الآن له.

 

ومن نتائج جرائمهم الدعوية ظهر التطرف والإرهاب ، والفكر المنغلق ، وتأخر التنمية في الوطن ، وتشضية المجتمع حتى داخل الأسرة الواحده ، حيث ظهرت الإختلافات الفكرية ، حتى في البيت الواحد  ، بسبب من تأصيلهم للمنهج الأحادي ، الذي يسمح للصحونجي بالتدخل في حياة الآخرين بحجة الغيرة على الدين وتصحيح العوج كما يزعمون  ، حتى أن الأخ ينصب من نفسه قيما على أخوه البالغ العاقل أبو الأسرة ، وتلك مخزونات ورواسب صحوية ترسخت في العقل الباطن بفعل تدجين الصحاينة للمجتمع ، والأمر الخطير أن هناك تيار كبير  بيننا يحسب أنه وسطي ، والحقيقة أنه أبعد مايكون عن الوسطية بسبب إعتناقه الغير مباشر لأفكار ومناهج الصحاينة ويحتاج فتره زمنية حتى يتخفف مما علق برأسه من فكر تلك الحقبة المظلمه .

 

إن التغير الحاصل وسقوط اللأقنعة  ، وتبروء رموز الصحوة السوداء من ماضيهم وكل أفكارهم  ، أحدث لدى البعض إضطرابا وخوفا من المستقبل ، على منظومة القيم والأخلاق ، التي يتوهم أنها في خطر ، وهذا أمر طبيعي لأننا في فترة إنتقاليه لم يتوازن فيها المجتمع ، فتنقية المجتمع من فكر الأربعون عاما الأحادي يحتاج لفترة زمنية بسيطة للتعافي من الأعراض الإنسحابية ، وسرعان ما سنعود لوسطيتنا النقية ونتعافى من الفكر الظلامي البعيد عن سماحة ديننا الحنيف ، والذي ساد خلال العقود الأربعة الماضيه.

 

الحقيقة أن نقد فترة الصحوة ، والتي هي في حقيقتها غفلة وإختطاف للمجتمع وذبح للوسطية يحتاج لدراسات عميقة يشترك فيها علماء الشريعة والإجتماع ، وحتى علماء النفس ، لمعالجة إرتداداتها وتأصيل الوسطية من جديد ... ومع ذلك يجب أن نتصدى لرموز تلك الحقبة السوداء ، ولا نسمح لهم بتسيد المشهد من جديد.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه