2015-10-10 

اوباما و... طواحين الهواء!

عبدالله الجنيد

الان يدخل الملف النووي الايراني مرحلة الساعات الاخيرة فعندما تدق الساعة 23:59 حسب التوقيت الاوروبي ستتحدد امور كثيرة ، و ايران تدرك ان حاجة الرئيس اوباما لتحقيق اتفاق حول ملفها النووي يفوق حاجة الجميع و حتى حاجة ايران له . فالرئيس الامريكي قد رهن كل شى بهذا الملف من اجل تحقيق " إرث سياسي شخصي له " حتى لو كان ذلك على حساب مصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية ، مما يقودنا بعدم قبوله بالفشل مهما كلّف الامر بعد فشلة في تحقيق اي انتصار في اياً من الملفات الخارجية مثل ( الاستقرار في بحر الصين ، سوريا ، اوكرانيا ، السلام في الشرق الاوسط او الحرب على الارهاب ) مما قد يدفع به للقبول باقل الأضرار دون خسارة حلفائه الأوروبيون ، و ايران توظف تلك الورقة الضغاغطة باقتدار سياسيا و اعلاميا . الايرانيون يفاوضون انطلاقا من توظيف عامل الوقت فهي كانت دائماً الاستراتيجية المعتمدة منذ بدء المفاوضات حول ملفها النووي ، و إيران برغماتية فيما يتعلق بآليات التفاوض أسوة بالإسرائيليين ، فكليهما يجيد توظيف عامل الزمن . فإيران تحصلت على الكثير عبر ذلك التوظيف و أهم ذلك اقناع الولايات المتحدة بضرورة تسليم العراق لها بعد انسحاب الاخيرة ، و كإقراراً منها بأحقية ايران في تقاسم المسئولية السياسية و الأمنية مع قوى إقليمية ( تركيا و اسرائيل ) بهدف إنهاء الصراعات في منطقة الشرق الاوسط عبر اتفاق " الدول العتيدة " ، اي القادرة على فرض الاستقرار من المنظور الامريكي في منطقة لم تشهد استقرارا منذ خمسينات القرن الماضي . الادارة الامريكية بين حجري رحى الان في المفاضلة بين خسارة حلفائها الاروبيين و مكانتها الدولية ، او التنازل النسبي لايران حول ملفها النووي و ملفات اخرى ذات صلة به هو بهدف إعطاء الرئيس اوباما حقه في إرث سياسي يسمح له بتسجيل اسمه في قاعة العظماء مثل روزفلت ، أيزنهاور ، نيكسون ، كارتر او ريغان بعد فشل مشروعة في نشر الحلم و الربيع عالميا . لكننا و بمراجعة سياسية سريعة نجد ان ايران ستكون الرابح الأكبر حتى لو فشلت الجولة الاخيرة من المفاوضات الدائرة الان في مدينة لوزان السويسرية ، فإيران تستطيع تسويق ذلك الفشل كانتصار سياسي لها على الصعيد الداخلي و الخارجي ، في حين ان الولايات المتحدة ستخسر المزيد من رصيدها السياسي دوليا ناهيك عن خسارة المزيد من حلفائها الأوروبيين بالاضافة لما خسرته من حلفائها العرب . الرئيس اوباما وضع كل ثقل مكتبه البيضاوي خلف إنجاح المفاوضات مع ايران لدرجة ان الشركاء الدوليين المعنيين بالأمر سمحوا لوزير الخارجية الامريكي جون كيري بإجراء جولات من المحادثات الثنائية مع الطرف الايراني ، و مع ذلك لم يستطع تحقيق اي اختراق يذكر ، او حتى الحد الأدنى المقبول كما وعد اوباما بذلك . و لتعقد الموقف العربي من ذلك الملف و فقدان دول الخليج العربي الثقة بالجهد الامريكي في إيجاد صيغة مقبولة تضمن سلامة دوله ، فقد طلب الرئيس اوباما من الرئيس الأسبق جيمي كاتر بسفارة مساعي حميدة لدى المملكة العربية السعودية حول ملفين ، الاول ربما لاقناع السعودية بقبول صيغة المقترح الامريكي حول الملف النووي الايراني ، ثانيا محاولة إصلاح ما يمكن اصلاحه من الجسور بعد انطلاق عمليات عاصفة الحزم ، و اختيار السعودية للعاصمة الامريكية واشنطن للإعلان عنها . و في ذلك إشارة واضحة لحجم الاختلاف بين الموقف العربي بقيادة السعودية حول قضايا تمس الامن القومي لدول الخليج العربي ، و ما دخول الرئيس كاتر على الخط الا إشارة على مدى الاختلاف حول تلك القضايا بعد ان حرق الرئيس اوباما كل مصداقية له او لرجالة بمن فيهم وزير خارجيته جون كيري . الرئيس اوباما يفاوض بأسلوب تقليدي و يرفض باي شكلا من الاشكال إعطاء وزير خارجيتة الفرصة لتوظيف خبرته الشخصية بقضايا و ملفات المنطقة ، في حين ان الايرانيين يفاوضون بعقلية تاجر البازار . فالإيرانيون يبعثون بالف بائع لبيع منتج واحد و بسعراً محدد مسبقا و غير قابل للتفاوض علية ، و لكن لكل بائع منهم مظهرا يختلف عن الاخر و البضاعة نفسها ، و على النقيض من ذلك نجد الرئيس اوباما يفاوض كل بائعا منهم على حده حول سعر حدده البائع . السؤال هنا : هل مغادرة الوزير الروسي لافروف مناورة لابقاء باب التمديد للمفاوضات مفتوحا لإنقاذ الرئيس اوباما ، و ان كان ذلك حقيقة فما تكلفة ذلك و من سيدفع الثمن

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه