2015-10-10 

عاصفة الحزم ضد إيران... وأميركا

رويترز

أظهر عاصفة الحزم التي قادتها المملكة العربية السعودية بمشاركة 10 دول عربية لوقف التوسع الحوثي في اليمن، أنّ السعودية بدء يساورها القلق وربما التشكيك في قدرة المظلة الأمنية الأميركية المتواجدة على أرضيها منذ فترة في حمايتها ورعاية مصالحها. وأصبحت الرياض اكثر حزما منذ اوائل عام 2011 عندما أدى احجام واشنطن عن دعم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في مواجهة احتجاجات حاشدة إلى تشكك السعوديين في التزامها تجاه حلفائها العرب التقليديين. وزاد من قلق السعوديين قرار أوباما في صيف 2013 بعدم التدخل عسكريا في سوريا بعد استخدام الغاز السام، فضلا عن اعلان واشنطن المفاجيء، اجراء محادثات سرية مع إيران. وأوضح قرار واشنطن باجلاء كل قواتها الخاصة من اليمن بعد تفاقم الصراع فيها تراجعها بشكل اكبر في الهجمات التي تشنها أميركا بطائرات بلا طيار على جناح تنظيم القاعدة هناك. وهو ما اعتبرته الرياض تراجعا في دور واشنطن، إذ ترفض إدارة أوباما عن المشاركة في اي صراع عربي جديد أو عمل عسكري مباشر في الوقت الذي تواجه فيه بالفعل تحديات جسيمة في سوريا والعراق. فقررت المملكة تعويض التراجع الاميركي في المنطقة ، واتخذت بتنفيذها لعاصفة الحزم دورا اقليميا اكثر حزما أظهرت فيه تراجع اعتمادها بشكل كبير على القوات الأميركية والتي ظلت لفترة طويلة الاتجاه الرئيسي لعلاقات واشنطن مع المملكة. وانتقد مسؤولون أميركيون، السعودية لإخفائها بعض التفاصيل الرئيسية لعمليتها العسكرية في اليمن، عن واشنطن حتى اللحظة الأخيرة وأضاف المسؤولون أن السعودية أبلغت الولايات المتحدة قبل أسابيع بانها تدرس تحركا في اليمن لكنها لم تبلغ واشنطن بالتفاصيل المحددة إلا قبل بدء الضربات الجوية غير المسبوقة التي انطلقت يوم الخميس ضد المتمردين الحوثيين المتحالفين مع إيران.بحسب رويترز ورغم أن السعوديين تحدثوا مع كبار المسؤولين الأمريكيين اثناء التشاور بشأن هجوم جوي لدعم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي فإن المسؤولين الأميركيين أقروا بوجود فجوات في معرفتهم بخطط المملكة للمعركة وأهدافها. وأكد قائد القيادة المركزية للجيش الاميركي الجنرال ليود اوستين أمام جلسة لمجلس الشيوخ يوم الخميس أنّ وزير الدفاع السعودي ابلغه عزم بلاده القيام بعمل عسكري في اليمن قبل تحركهم مباشرة. وأكد مسؤول أميركي أنّ وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ناقش الوضع في اليمن بشكل مطول خلال زيارة للرياض في مارس الجاري انه لم يتضح ما اذا كانوا السعوديون اتخذوا اي قرارات بشأن عمل محتمل في ذلك الوقت. وقالت بيرناديت ميهان المتحدثة باسم مجلس الامن القومي الأمريكي اجرينا محادثات مع السعوديين على مدى الايام الماضية بشأن ما كانوا يفكرون فيه ونوع الدعم الذين يمكن ان نقدمه بخصوص تحركاتهم في اليمن ويقول البيت الأبيض انه لن يشارك بشكل مباشر في العمليات العسكرية في اليمن لكنه شكل خلية لتنسيق الدعم العسكري والمخابراتي للعملية. إلا ان المسؤولين الأمريكيين يقولون انهم يشاركون في تبادل المعلومات المخابراتية على أساس محدود حتى الان. ويبدو أنّ بعض المسؤولين الأمريكان ازعجهم التحرك القيادة السعودية حيث وصف أحدهم عملية الرياض بانها "استجابة مذعورة" للوضع الذي يتدهور سريعا في اليمن اذ يخشى السعوديون ان تمتد الاضطرابات عبر حدودها. وشكك المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه في فاعلية الائتلاف الذي تقوده السعودية ويضم عشر دول بسبب السرعة في تشكيله. ويتهم منتقدي أوباما من الجمهوريين بإنه يتخلى عن دور الزعامة التقليدي للولايات المتحدة، بينما ينفي البيت الأبيض انه فك ارتباطه عن المنطقة ويقول إنه كان على اتصال وثيق بالسعوديين فيما يتعلق بخططهم في الأيام الماضية. بدوره أشار سفير السعودية لدى الولايات المتحدة عادل الجبير إلى أنّ الرياض تشاورت عن كثب مع واشنطن بشأن اليمن لكنها قررت في نهاية المطاف التحرك سريعا بعد ان تقدم المتمردون الحوثيون صوب اخر معقل لهادي في مدينة عدن الجنوبية. وبيّن الجبير لمجموعة صغيرة من الصحفيين يوم الخميس "كانت المخاوف في إنه اذا سقطت عدن فما الذي يمكن فعله؟..تمثلت المخاوف في ان الموقف خطير للدرجة التي يتعين معها التحرك." وتوقع مصطفى العاني محلل امني عراقي تربطه علاقات بوزارة الداخلية السعودية انه في حالة نجاح العملية في اليمن فسوف يحدث تحول كبير في السياسة الخارجية السعودية وانها ستكون قاطعة واكثر حزما في التعامل مع التوسع الايراني. فيما هون المسؤولون الأميركيون من نطاق العلاقة بين إيران والحوثيين في اليمن قال الجبير إن اعضاء من الحرس الثوري الإيراني ومن حزب الله اللبناني المدعوم من إيران يقدمون النصح للحوثيين على الأرض. ويعد التدخل السعودي في اليمن يمثل أحدث جبهة في صراع اقليمي متنامي على السلطة مع إيران التي تلعب ايضا دورا في سوريا حيث تدعم حكومة الأسد وفي العراق حيث تدعم قوات الحشد الشعبي التي تؤدي دورا كبيرا في القتال. وتجدر الاشارة إلى أنّ سياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما بدأت في الاونة الاخيرة الاعتماد على بدائل في الشرق الأوسط بدلا من التدخل العسكري الأمريكي المباشر حيث تقوم واشنطن بتدريب معارضين سوريين لمواجهة حكومة الرئيس بشار الأسد وشنت الاسبوع الجاري ضربات جوية لدعم القوات العراقية التي تحاول استعادة مدينة تكريت.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه