2017-07-04 

ماهو الهدف من إنشاء #كابسارك وهل طبق سياسات #التوطين الفعالة؟!

د.فيصل مرزا

بدأنا في المقال السابق بمقدمة لتكون المدخل لسلسلة مقالات نطرح فيها الكثير من الأسئلة، نطرح اليوم بعضها: ماهو الهدف الرئيسي من انشاء كابسارك؟! هل طبق كابسارك سياسات التوطين والتدريب الفعالة للعناصر الوطنية؟! هل تتناسب سياسات توظيف الباحثين مع أهداف كابسارك؟! ونسأل لماذا يوجد حاجز سيكولوجي بين إدارة كابسارك والباحثين؟! وأخيرا تتسائل عن غياب الحوكمة الفعالة وغياب مقاييس التقييم؟!

 

 

 

 

السؤال الأول:

 

ماهو الهدف الرئيسي من انشاء كابسارك؟! 

 

 

الهدف الرئيسي من انشاء المركز كان ومازال هو لتقديم دراسات يمكن لصانع القرار بقطاع النفط والطاقة أن يعتمد عليها، وبالتالي مساعدة صانعي السياسات البترولية على اتخاد القرارات الرشيدة، فالحال التي عليها المركز لا تتلاءم وتوجه المملكة لتنوع مصادر الدخل وفق رؤية 2030، حيث أنه لم يصبح جزءا منها حتى الان، ولم يذكر حتى في أدبياتها. لعل انخراطا حقيقيا في رؤية 2030 يحفز أداء المركز. ولكن هناك غياب واضح للكفاءات الفاعلة والمتميزة، بنضرة فاحصة بإمكانيات الباحثين في المركز تعزز انطباعا جازما بأن العامل البشري المتمثل في تدني مستوى إدارة البحوث في المركز في إدارة أجندة البحوث وفق استراتيجية قوية لتحقيق الأهداف المرسومة وكذلك انخفاض المستوى الأكاديمي العام للباحثين وتدني خبراتهم في مجال البحث في مجال اقتصاد الطاقة، هو العامل الرئيسي لعدم نجاح المركز. إن عدم نجاح إدارة البحوث في استقطاب الكفاءات التي تنسجم مع أجندة البحوث ووفق استراتيجية إدارة المركز هو الذي أوصل المركز لهذا المستوى المتدني. 

 

 

 

 

السؤال الثاني: 

 

هل طبق كابسارك سياسات التوطين والتدريب الفعالة للعناصر الوطنية؟!

 

 

هناك غياب واضح  لسياسات التوطين والتدريب الفعالة للعناصر الوطنية والتي لا تستطيع الاستمرار في الاعتماد  العناصر الأجنبية الغير فاعلة. لذلك يجب تغليب المصلحة العامة في إنفاذ سياسات التوطين تحافظ على ديمومة المركز على المدى البعيد. إن ما يحدث حاليا هو تغييب العنصر الوطني مما سيؤدي الوقوع في شراك المخادعين تارة والطامعين من الأجانب المرتزقة تارة أخرى. بينما تضل سياسات التوطين هي صمام الأمان ومصلحة وطنية يجب تغليبها على ما سيطرح من مبادئ تكافؤ الفرص، والمصلحة الآنية في منح الأجانب الفرص على حساب العناصر الوطنية للحصول على نتائج فورية في مقابل المصلحة الأعظم من التوطين على المدى البعيد، فوجود الأجانب مؤقت لسد الفجوة المعرفية والتي لا أعتقد أنها موجودة مع وجود الكوادر السعودية التي نفخر بها!

 

 

 

 

السؤال الثالث:

 

هل تتناسب سياسات توظيف الباحثين مع أهداف المركز؟!

 

بالتأكيد لا تتناسب سياسات توظيف الباحثين في كابسارك مع اهداف المركز الرئيسية التي من أجلها أنشئ! يمكن وصف الحالة التي عليها المركز في الوقت الراهن بانها صادة ومنفرة للكفاءات الوطنية، وجاذبة لعديمي الكفاءة من الأجانب، وهذا ما يتعزز يوما بعد يوم من خلال الإنتاج المنخفض والسيء أصلا للمركز بشكل عام. والسؤال يأتي بعد ذلك كيف وصلنا الى هذه النقطة؟ إن أحد الأسباب المتجلية يكمن في سياسة التوظيف العقيمة، وآليتها والتي راكمت مجموعة كبيرة من غير الموهوبين وعديمي الخبرة من الأجانب في وقت واحد، مما أدى ذلك إلى تعزيز الخمول بدل المنافسة وتجويد الأداء، فلا نجوم تضيء الطريق بل كواكب تزيد من العتمة. ولذلك يوجد حاجز سيكولوجي بين إدارة كابسارك والباحثين!

 

 

 

السؤال الرابع:

 

لماذا يوجد حاجز سيكولوجي بين إدارة كابسارك والباحثين؟!

 

هناك حاجز سيكولوجي بين إدارة كابسارك والباحثين بل وحتى بين رئيس الأبحاث في كابسارك والباحثين، وذلك لأن عدم امتهان الإدارة للبحث العلمي يعني جهلها بمرتكزاته ومقوماته، ويؤدي إلى صعوبة كبيرة في توجيه الباحثين علميا، وتجعلها أقل تفهما للصعوبات التي تواجه الباحثين، مما ينعكس ذلك على اسلوب الإدارة. ينتج عن ذلك تكوين حاجز سيكولوجي بين الإدارة والباحثين، يدفع بجعل مدير الأبحاث أكثر سلطوية، والباحثين أقل احتراما لهذا المدير لعدم قناعتهم بقدراته التي تكلمنا عنها في مقالات سابقة بالتفصيل وشرحنا الكثير من اخفاقاته. ولكي يتغلب المدير على تلك الفجوة، كون مدير الأبحاث الأجنبي هذا بطانة تدين له بالولاء ويبادلها بالمميزات عن غيرهم، وهنا تنشأ المعاملة غير العادلة، ولا يصبح كلا من جودة الأداء وتكثيف الانجاز العاملان الاوحدان للعمل. كان بإمكان الإدارة استدراك الامر في وقت مبكر بكسر هذا الحاجز وبناء علاقات إنسانية لا تقوم على العمل فقط، وهو مالم يحدث. إن وجود العلاقة السلطوية لا تخطاها أي عين فاحصة في تقييم العلاقة بين الإدارة والباحثين في المركز.

 

 

 

السؤال الخامس:

 

هل يعاني كابسارك من مشاكل هيكلية؟!

 

 

خلال العصف الذهني مع بعض الكوادر السعودية التي نفخر بها ولكن مع الأسف تم تهميشهم من قبل أجانب كابسارك، اتضح ان أحد المشاكل التي يعاني منها كابسارك هي مشاكل هيكلية لن تحل جذريا بتغيير اشخاص، فلا يمكن حلها عن طريق تغيير الإدارة التنفيذية وحسب ورئيس الأبحاث الأجنبي وحسب، فلا بد من الاستفادة من التجارب السابقة والبناء عليها لاستحداث استراتيجية ناجزة ومرنة وقابلة للتطبيق، فيتبدل تعامل مجلس الأمناء مع إدارة المركز ليكون على أساس مؤشرات الأداء بصورة دورية وذلك بتحفيز الأداء عن طريق التحكم في الميزانية، فتكون ميزانية مرنة، وكذلك بتطبيق نظام حوافز فعال للباحثين. أيضا، من خلال مشاهداتنا في الخارج يتضح بأن أدارة المركز لا بد أن تكون منخرطة في البحث العلمي حتى لا يتكون حاجز سيكولوجي بين الإدارة والباحثين كما هو قائم حاليا. إن ترك الأمور على حالها هو إمعان في تكرار الأخطاء ذاتها ولا يؤدي إلا الى المراوحة في نفس المكان.

 

 

حتى وإن نجح مدير الأبحاث الأجنبي في كابسارك في أن يروجا لوجود قلة (وليس ندرة) في العنصر الوطني السعودي القادر على التصدي للبحث العلمي بشكل عام، فالحل يكمن في بناء استراتيجية وطنية لتحفيز القادرين والموهوبين وصقل قدراتهم لبناء نواة صلبة على المدى القصير، والتعاون بين مراحل التعليم المختلفة لبناء ثقافة البحث العلمي وتعميقها لتتأصل في جيل جديد من السعوديين على المدى البعيد. ومن هذه المعطيات، إيجاد أنظمة حوكمة فعالة ومرنة، قادرة على الاستجابة السريعة للمعطيات التي تتضح مع مرور الوقت وتلك الطارئة، فلا يعقل أن يترك المركز كل هذه السنوات تحت رحمة إدارة أقل ما يقال عنها بانها غير محترفة، وغير قادرة إداريا أو علميا على التصدي لإدارة المركز. وكذلك إيجاد اجندة بحث وطنية مرنة تستجيب للتحديات والفرص التي يمر بها الوطن. ومنها، لا بد من ثقافة الاعتماد على النفس، فلن يترك الاخرون موهوبيهم لغيرهم، فهي نفائسهم التي لن يفرطوا فيها، وهي التي تحافظ على ازدهارهم واعتزازهم الوطني، وان معظم ما يرد علينا هم ممن تلفظه مؤسساتهم العلمية.

 

 

 

السؤال السادس:

 

هل هناك حوكمة فعالة ومقاييس مراقبة وتقييم؟! 

 

 

غياب الحوكمة الفعالة وغياب المراقبة والتقييم وكذلك مقاييس الإنجاز والنجاح الواضحة يعتبر من أحد أسباب فشل المركز في تحقيق أهدافه والتي سوف نفندها أن شاء الله في سلسلة مقالات قادمة، لأن مما يزيح بعض أسباب الفشل عن كاهل إدارة كابسارك، هو غياب حوكمة فعالة للمركز. ففي ظل غيابها تمادت إدارة المركز بدون رادع في الاتجاه الخاطئ، لأن غياب المراقبة والتقييم المؤسساتي على مقاييس الإنجاز والنجاح من الواضح أنها أطلقت العنان لإدارة المركز بحرية شبه مطلقة في التهرب من تحقيق الأهداف المرسومة. يقع على كاهل مجلس الأمناء والمجلس الاستشاري الذي يوجد لدينا الكثير من الملاحظات والتحفظ على اعضاءه الكثير من اللوم الى ما آل اليه المركز، فلو كانت هناك  حوكمة وصرامة للتمسك بأهداف المركز لما انفلت عقده، لأن التساهل والتغاضي الغير المبرر، فسره أجانب وإدارة الأبحاث على انه رخصة للتمادي في الفشل والإخفاق!

 

 

 

في المقال القادم سوف نطرح بإذن الله مالذي كنا نتوقعه من كابسارك وماهو المأمول من إنشاءه؟!

 

 

 

 

 

د. فيصل مرزا 

مستشار في شؤون الطاقة وتسويق النفط،  مدير دراسات الطاقة في منظمة أوبك سابقا

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه